الرسالة الزاجرة لصالحي الأمة عن إساءة الظن بالأئمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الأنبياء أمناء وحيه، والخلفاء أمراء أمره ونهيه، والعلماء حفظة علمه وتراجمة إثباته ونفيه، وصلواته على نبيه المقتدي ببيانه وهديه، محمد وعلى آله الحامين لدينه والمحددين لما خفي من سعيه.
وبعد: فإن الله تعالى لما قلدنا بأطواق الزعامة، وحلانا بحلية الإمامة، وتجرد للنص على ذلك والدعاء إليه, والامتثال لأمره والاعتماد عليه ، علماء هذه الفرقة الزيدية الذين هم أفضل الفرق، وفضلاء العترة النبوية وهم المبلغون عن الله وألسنة رسله, وحجته على خلقه, والكارعون من العلم في سلسال معينه, وأدلة الوراد إلى صافي يقينه, وفوارة عيونه، لأن الله تعالى جعل العلماء خلفاء أنبيائه, وعماد خلفائه, وحملة أنبائه, عن صفوة أنبيائه، فهم القدوة والحجة, وسواء السبيل وواضح الحجة, وعليهم الاعتماد، وهم الرأس الذي يرم به كل متخمط لينقاد, وكان عند ذلك من أمر الناس ما علمه من شاهد أحوالهم، وبطن خلالهم, من أن إمامتنا كانت كإمامة أبينا علي بن أبي طالب عليه السلام، سارع إليها الصغير, وهدج إليها الكبير، وتطلعت إليها الكعاب، وحسر لها كل نقاب، وفتح بها كل باب، ورفع كل حجاب، وانثال الناس من كل سبسب, ونسلوا من كل حدب، وكان المحظوظ عندهم من أعطى صفقته طائعا, وسبق غيره مسارعا، أو أنفق ماله مسترسلا, وبرز للجهاد مستبسلا, بصيرة ودينا، وثقه بأمرنا ويقينا، حتى علت كلمة الدين, ورسخت سواري اليقين، وأبدنا جيوش الجاحدين، وسلبنا ملك الظالمين، ورفعنا أيدي المتسلطين على المستضعفين. فلما نجمت نواجم العناد، ووقدت نيران الفساد، وقل الناصر، وكثرت المعاذر، وعطلت الثغور أو كادت، وقهقرت ليوث الكفاح وحادت, سامة وملالا، واستطاله للأمد المبارك واستثقالا, على ما حكى الله تعالى عن الأمم الماضية, والقرون الخالية، أن طول الأمد أورثها في القلوب قسوة، وفي
الطباع عن سماع الحق نبوة، حيث يقول سبحانه: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع
صفحة ٢٤