مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأخيرة
سنة النشر
١٤١٣ هـ
مكان النشر
دار الثريا
تصانيف
الفتاوى
ففيه التشويق والرفق ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ولم يقل: "يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله" ما قال هكذا وإن كان قالها في آيات أخرى لكن في هذه الآية ما قال هكذا؛ لأن المقام يقتضي ذلك فالسورة كلها سورة جهاد من أولها إلى آخرها ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ . المهم أن في هذا الحديث وأمثاله من كرم الله ﷿ ما هو ظاهر لمن تأمله، وأهم شيء فيما تكلمنا عليه مسألة الصفات فأنا أكرر أن تلتزموا فيها ما التزمه السلف، وأن لا تحيدوا يمينا ولا شمالا، ولا تسألوا عما لم يسأله السلف، فإن هذا من التنطع والتكلف والابتداع في دين الله، وإني أقول لكم: إن الإنسان كلما تعمق في هذه الأمور فأخشى أن ينقص في قلبه من إجلال الله وعظمته بقدر ما حصل من هذا التعمق في البحث في هذه الأمور واسأل العامي، العامي إذا ذكرت الله عنده اقشعر جلده وإذا ذكرت نزوله إلى السماء الدنيا اقشعر جلده لكن أولئك الذين يتعمقون في الصفات ويحاولون أن يسألوا حتى عن الأظافر نسأل الله لنا ولهم الهداية هؤلاء إذا ذكر عندهم حديث النزول بدءوا يوردون على أنفسهم أو على غيرهم كيف تكون الحال وثلث الليل يتنقل على الكرة الأرضية؟ وكيف تكون الحال حين نزوله بالنسبة للعلو وبالنسبة للعرش؟
ونحو ذلك من الأسئلة التي تشطح بهم عن تعظيم الله ﷿ وهؤلاء بلا شك سينقص من إجلال الله ﷿ في قلوبهم بقدر ما حاولوا من التعمق في هذه الأمور، وليس إجلالنا لله ﷿ كإجلال الصحابة ولا قريبا منه، وليس حرصنا على العلم بصفات الله كحرص
1 / 214