المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
تصانيف
ثم قال فيه عليه السلام: أو ينسب إليه جورا بعينه وقد نسب المجبرة كل جور على وجه الدنيا إلى الله تعالى، وجعلت ذلك إجلالا وكل مظلمة، وهذا بنفسه أيضا مذهب المطرفية الكفرة الفجرة، لأن عندهم ما حدث في العالم من ظلم، وجور، وطعن، وضرب، وقتل، ورمي، ورجم، فهو فعل الله تعالى لا فاعل له سواه؛ لأن عندهم فعل العبد لا يعدوه ولا يوجد في غيره، ونحن نعلم هذا والكل ممن خالطهم من مذهبهم ضرورة، ونعلم أنهم وإن اختلفوا في فروع لهم فلا يختلفون في هذه المسألة، فقد قضى عليهم بشركهم، وأطلق سبيهم، وأجرى أحكام الحربيين عليهم، وأزالوا عنه تعالى جميع الحكم الذي يتعلق بالنقائض والامتحانات، وقضى عليه السلام بأن من أضاف إلى الله تعالى شيئا واحدا من الجهالات لحق بالمشركين الحربيين، وقد أضافوا إليه أفعال العباد كلها جهالة وظلما وضلالا -تقدس عن ذلك وتعالى- وأضافوا أشياء قالوا: فعلها ولم يردها -فوصفوه بصفة الجاهلين تعالى عن ذلك رب العالمين- وقد قضى عليه السلام بكفر من فعل ذلك، وألحقه بالحربيين بإجراء أحكامهم التي ذكرها عليه السلام من القتل، وأخذ المال، والسبي، وتوابع ذلك، وقال عليه السلام: أو يكذبه صراحا في وعد أو وعيد، وهذه صفة المجبرة عجل الله دمارها وعفا آثارها؛ لأنها قالت: إن الله تعالى لا يدخل المسلمين الجنة بوعده، وإنه لا يفي بخلودهم في النار بوعيده، وكذلك المطرفية الملعونة كذبته في قوله تعالى: ?وما ربك بظلام للعبيد?[فصلت:46].
صفحة ١١٦