403

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

تبدو التلاوة من أبياتهم أبدا .... ومن بيوتكم الأوتار والنغم وإذا قد تقرر ذلك بالنصوص الصحيحة أن عنوان الإيمان حب علي بن أبي طالب، وأن أحدا لا يدخل إلا بجواز من علي بن أبي طالب وأنه باب دار الحكمة وباب الجنة فمن أحق بهذا الأمر من أتباعه، وقد ورد في الصحاح أن ببغضه يعرف المنافقون وبحبه يعرف المؤمنون، فكن من شيعته وأتباعه لتكون قد أخذت بالوثيقة، وتجوز على الحقيقة؛ وما يلحق بباب الزيدية في أول الرسالة أنهم ثلاث فرق: بترية، وصالحية، وجارودية، ومعظمهم الجارودية وهم أهل الحق منهم، والآخرون قد أخطئوا في بعض الاعتقاد، وإذا تقرر عندك هذا الباب فاعلم أن الشيعة قد دخل فيها من ليس منها بسبيل، وهم الذين بغضوا إلى الأمة أتباع آل محمد، فانتسبوا إليهم ليستروا بجلالهم عظم كفرهم، ويستدرجوا الأغمار إلى شركهم بسحرهم، فمنهم الغلاة وهم فرقة كبيرة لا تحتمل الرسالة تفصيل ذكرهم، وهم مراق عن الدين أعداء الكتاب وأهله، ونسبهم الباطنية وهم وإن لم يعدوا في فرق الإسلام لانسلاخهم عن الدين، وخروجهم عن الملة، واستخفافهم بالشريعة النبوية، وتعلقهم بمذهب المجوس في ارتكاب المحرمات وإباحة المحظورات، فإنا نذكرهم لانتسابهم إلى آل محمد - صلوات الله عليه وعلى آله - ومحرمهم على الغرام بأنهم متعلقون بولي آل محمد وذريتهم، وسترهم لكفرهم بالكتمان، والله عز من قائل يقول : ?وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه?[آل عمران:187]، وقال تعالى: ?إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم?[البقرة:159،160]، فجعلوا يأخذون العهود على الكتمان ويلبسون الكفر بالإيمان واستصدقوهم ومن شاكلهم في قولهم أنهم من الشيعة المتبرئين من حارب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعلوهم غرضا لأذيتهم بغير بصيرة، فنحن إلى الله سبحانه منهم براء.

وكذلك الإمامية فإنهم يقولون في الصحابة مثل مقالتهم، إلا أن الإمامية من فرق الإسلام، وقد أخطئوا عندنا في الإمامة وفي ذم الصحابة وسبهم.

أما الباطنية: فإنهم يتأولون الشرائع ويقولون المقصود بها معاني وهي إشارة ورموز إلى غيرها.

وعندنا من أسرار كفرهم الجم الغفير، ولولا الاقتصار في هذه الرسالة لذكرناها، وإنما جملة الأمر عندهم أن من عرف تلك المعاني سقطت عنه التكاليف الشرعية ولا شيء عليه بعد معرفة الحقيقة، فإن كان تركه للعبادة الشرعية ينفر الناس عنه لزمه القيام بها لتأليف الناس لا لكونه مصلحة في نفسها فافهم هذا، واعلم أنه التعطيل المحض، والكفر الصريح، ونجمت في الزيدية فرقة يقال لها: المطرفية بعد الخمسين والأربعمائة للتأريخ المبارك، وكثروا وليس لهم أصل مبسوط تستقر عليه حكاية مذهبهم لتراكم جملهم وأتباعهم في مقالتهم لمشائخ منهم جهال قلدوهم أمرهم، وأخذوا مذهبهم عنهم تلقينا وهم يرجعون إلى قريب من مذهب الباطنية في التعطيل؛ لأنهم ينفون عن الله تدبير خلقه وزيادته ونقصه، وربما نفوا عنه أن يكون خلق شيئا في العالم بعد أصوله، قالوا: التي هي الماء والهواء والريح والنار، فقد جهلوا مذهب الفلاسفة، وخالفوا مذهب الإسلام، لأن الهواء والريح عند أهل التحصيل واحد، وإنما إذا تحرك الهواء كان ريحا وإن سكن فهواء، فهؤلاء أهل الأصول من نفاة الصانع سبحانه عما يقولون، يجعلون الأرض رابع العناصر والكل باطل.

صفحة ٤٤٧