[ بعض وجوه الكفر ]
منها: أن ينكر شيئا مما علم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة، ولو كان شيئا واحدا من ألوف كثيرة قد اعترف بجميعها إلا ذلك الشيء، أو ينفي عن الله تعالى فعلا واحدا من أفعاله التي لا ينحصر أعدادها، أو يضيف إلى الله تعالى فعلا واحدا من أفعال عباده.
وهذه الفرقة الملعونة أضافت إلى الله تعالى جميع أفعال المخلوقين، أما البهائم فقالوا: إنها مجبورة وفعل المجبور فعل جابره.
قلنا: وكيف يذم الباري تعالى فعله وهو يقول: ?إن أنكر الأصوات لصوت الحمير?[لقمان:19] وكيف يكون عضال الكلب وسفاد البهائم فعل رب العالمين المتعالي عن القبيح.
وأما أفعال المكلفين فقالوا: فعل العبد لا يعدوه ولا يوجد في غيره، وهو ضرب وانضراب فالضرب فعل العبد وهو حركة يده لا يتجاوزها، والانضراب هو انقطاع الجسم وهو فعل الله بما يجعله ينقطع، وناظروا على ذلك ولا خلاف بينهم فيه، أخزاهم الله وعجل انتقامهم، وعلى علتهم هذه في الأفعال تلزم حركات أيديهم، فإنه لولا جعلها الله تحترك لما احتركت [وكذلك سائر حواسهم].
فلهذا قلنا: إن أفعال [جميع] المخلوقين يضيفونها إليه سبحانه، ثم مع ذلك نفوا عن الله تعالى جميع الحوادث، وأضافوها إلى الإحالة والاستحالة، ومن قال منهم: فعل الله قال، بخلقه للأصول الموجبة لهذه الفروع بالإحالة، فذهبوا في ذلك فريقا مما ذهبت إليه الفلاسفة، وإن كانت الفلاسفة أحصل منهم والكل من الفريقين كافر بإجماع علماء الأمة.
صفحة ٦٤