المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان ت. 614 هجري
189

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

وقوله: فإذا حقيقة العلم أن تفهم حقيقة المعلوم على ما هو به مسلم؛ لكن القديم ليس بجملة فيعلم كله أو بعضه؛ لأن ذلك من لوازم الحدوث؛ فلا يجوز أن يقال: كل الباري سبحانه؛ لأن الكل مجموع أبعاض ولا بعض له؛ لأن البعض جزء الكل؛ فإذا علم الباري لذاته على ما هو عليه أن لا يعلم ذاته جملة ولا بعضا؛ لأنه يستحيل عليه التجزؤ، والانقسام، والتلفق، والانضمام، تعالى عن ذلك مالكنا وربنا، بل هو كما قال [عز و] جل لنبيه عليه السلام حيث يقول في مقابلة قول المشركين: ?قل هو الله أحد?[الصمد:1]، وقوله: ?وما من إله إلا إله واحد?[المائدة:73]، فهو عز وجل يعلم ذاته بأنه أجل المعلومات، وقد وجب أن يعلم جميع المعلومات بما بينا أولا، وهو يعلم ذاته متميزا عن غيره بصفات الكمال التي لم تثبت لغيره من كونه قادرا على جميع أجناس المقدورات، عالما بجميع المعلومات، حيا لا يجوز عليه الموت، موجودا لا يجوز عليه العدم، سميعا لا تخفى عليه خافية، بصيرا لا تغب عنه غائبة، قديما لا أول لوجوده، متعاليا عن ظلم عبيده، فيعلم ذاته على هذه الصفات، ومتى علمها على هذه الصفات؛ فقد علم الشيء على ما هو به؛ والجملة والبعض لا يثبتان في حقه، وذكر الحصر وتوابعه لا يجوز إطلاقه عليه؛لأنه ليس بمعدود فيكون حصره يناهي عده، ولا محدود على هذا المعنى فيكون حصره ببلوغ حده، بل هو الواحد على الحقيقة؛ إذ لا واحد على الحقيقة سواه، فكيف يجوز إدخال الحصر على غير معدود، والتناهي على غير محدود!!فصح ما ذكرناه في بارينا سبحانه وعلمه بذاته التي هي أجل معلوم.

صفحة ٢٢٦