المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان ت. 614 هجري
178

المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)

وقوله: هل المعلومات صور محصلة في نفس العالم، كالدار في نفس الباني تمثيل بما لم يسلم بعد؛ لأنه يستحيل كون الدار في نفس الباني -كما قدمنا، وحصول العلم في نفس العالم كان في إيجاد المعلوم، وليس العلم مثلا محاكيا للمعلوم كما يظنه من قال بذلك؛ لأن العلم عرض، والعرض لا يكون محاكيا للجوهر ولا للقديم. مع أن علم أحدنا قد يتعلق بالقديم والجواهر، ولو كانت النفس متحيزة لاستحال أيضا حصول المعلومات فيها؛ لأنه ينقسم كما قدمنا إلى متحيز وغير متحيز، ومحال حصول المتحيز في المتحيز؛ لأنه يستحيل في المتحيزات التداخل، وقيام بعضها بالبعض؛ لأنه لو جاز ذلك جاز أن يكون العالم في موضع جزء واحد، وخلافه معلوم، وما ليس بمتحيز ينقسم إلى عرض وغير عرض؛ فغير العرض هو الباري تعالى، ومحال وجوده في شيء من المتحيزات تعالى عن ذلك علوا كبيرا؛ والعرض ينقسم إلى ما هو من فعل الله وإلى ما هو من فعل العبد، فما كان من فعل الله سبحانه استحال وجوده في نفس الواحد منا؛ لأنه يشتمل على المتضادات كالبياض والسواد وغيرهما، ومحال كون الذات على صفتين ضدين، ومحال حصول البياض والسواد لشيء واحد، فيظهر حكم أحدها دون الآخر لفقد المخصص من حيث أنهما على سواء، ولأن ذلك يرفع علمنا بالتضاد وذلك لا يجوز، ولأنه يستحيل وجود الشيء الواحد في وقت واحد في جهتين.

وإن كان من فعل العبد وهو الافتراق والاجتماع، ونريد إيجادهما، ومحال وجودهما في نفسه في حالة واحدة [لأن ذلك يؤدي إلى كون النفس مجتمعة مفترقة في حالة واحدة]، وذلك محال، أو وجود الاجتماع والافتراق، ولا حكم لهما وذلك محال، وقد أدى إلى ضروب هذه المحالات، وصنوف هذه الجهالات القول بأن المعلوم حاصل في نفس العالم، فيجب القضاء بفساده.

صفحة ٢١٤