المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
تصانيف
المسألة الرابعة [ هل العلم عام بعموم المعلوم خاص بتخصيصه ]
قال تولى الله هدايته: هل العلم عام بعموم المعلوم، خاص بتخصيصه؛ فيكون جملة تلحقها التفاصيل بتجميل المعلوم وتفصيله؟
الجواب عندنا: إن العلم يتعلق بالمعلوم على ما هو به كما قدمنا، ولا فرق في ذلك بين الجملة والتفصيل؛ فإن كان المعلوم مجملا تعلق به على سبيل الجملة، وإن كان مفصلا تعلق به على وجه التفصيل، فالعلم واحد، والتجميل واقع في التعلق لا في ذات العلم وحقيقته، وكذلك التفصيل، وأيضا فإنا لا نريد بالجملة والعموم إلا مجموع أشياء صارت في حكم الشيء الواحد لأمر من الأمور؛ فكما أن العلم بالشيء الواحد لا يدخله باب التجميل، فكذلك العلم بالجملة؛ لأنها تجري مجرى الشيء الواحد؛ فإذا لم يدخل العلم بالمفرد تجميل وتفصيل كذلك ما يجري مجراه وهو العلم بالجملة، ولأنه لو كان العلم يتعلق بما يدخل تحت العام تعلق المفردات لكان قد تعلق به على سبيل التفصيل، ولا يجوز تعلق العلم الواحد بأزيد من معلوم واحد على سبيل التفصيل؛ لأنه لو تعدى المعلوم الواحد -ولا دليل على وجوب قصره بعد تعديه- لأدى إلى كون الواحد منا عالما بجميع المعلومات، ومعلوم خلافه، فلا بد مما قلناه أولا وهو: أن العموم جار مجرى الشيء الواحد، فيتعلق به العلم على الوجه الذي لأجله صار في حكم الشيء الواحد، فلا يدخله التفصيل والتجميل لما بينا.
صفحة ٢١٢