مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
تصانيف
فإن قلت: إن الخلق حدث بإرادتهما أحلت، لأنك وصفتهما بصفات تدل على حدثهما، وذلك أنك زعمت أن لكل واحد منهما خمس حواس مختلفات، ولا بد لما اختلف من الأشياء من صانع خالف بين أجناسه لإظهار حكمته، فجعل كل واحد (1) يصلح لخلاف ما يصلح له الآخر، لفاقته إلى ما جعل له صانعه، وإذا كان في الشيء من الأشياء ما يدل على حدثه بطل قدمه، وإذا بطل قدمه لم يكن بالفعل أولى من غيره، ولزمه إذ ذلك ما يلزم مثله من العجز عن (2) أن يصنع!!!
وإن قلت: إن الخلق حدث بطباع تمازجهما أحلت، لأن المصنوع المطبوع لا تعدوه طبيعته، والاجتماع هو غرض لا يتعداهما إلى غيرهما، كما أن افتراقهما لا يوجب حكمة في سواهما.
ودليل آخر
أنهما إذا كانا (3) من التصوير على ما ذكرت، وفي تمام الحواس على ما وصفت، فقد يجب شكر المنعم بكمال أدواتهما، والمتفضل بتمام جوارحهما، إذ جعل لهما حواسا خمسا، عيانا وسمعا وذوقا وشما ولمسا، وخالف بين علمهما وحواسهما، وغاير بين صفات أجناسهما.
ودليل آخر
يقال لهم: ما العلة التي أوجبت تمازجهما بعد مباينة كل واحد لضده؟! إذ زعمتم أنهما تمازجا بعد مباينة كل واحد لصاحبه!!
فإن قلتم: إن الظلمة بغت على النور، أوجبتم حدث حركة لاقت بينهما، وإذا حدث بينهما حادث فهما على حالين محدثين، وهما الحركة والسكون، وما كان من الأشياء متحركا أو ساكنا فهو مضطر إلى الحركة والسكون، والمضطر لا بد له من صانع اضطره إلى الحوادث وبناه عليها.
ودليل آخر
قالوا: إنهما تمازج بعضهما ولا نهاية لما بقي منهما، وإذا كان لهما بعض تمازج بحركتهما فالذي بقي منهما، لا يخلو من أن يكون: ساكنا كله فينتظمه السكون ويتعلق بجميعه، أو يكون غير ساكن ولا متحرك فيكون عدما.
صفحة ١٧٩