مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
تصانيف
قيل له ولا قوة إلا بالله: دلنا على ذلك إبانة صنعه فيها.
فإن قال: وما إبانة صنعه فيها؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: وجوه شتى:
أول ذلك تصويرها وإحكامها وتقديرها، ولا بد لكل صورة من مصور، ولكل تقدير من مقدر، ولكل تدبير من مدبر.
ودليل آخر
أنها لو كانت قديمة لما كانت في أوصافها مختلفة، فلما وجدناها مختلفة الأنواع علمنا أن لها مدبرا خالف بينها، وفصل بعض هيئاتها، وخالف بين صفاتها.
ودليل آخر
أن في العالم آثار حكمة صانع العالم، والحركات ليست بعالمة ولا هي بمدبرة حكيمة (1)، ولا هي بحية مقدرة، لأنها علل متعلقة بأجسام النجوم غير متلاحقة، لا تعد ومواضعها من معلولاتها.
ودليل آخر
على فساد قولهم أن حركات النجوم ليس لها أول، وسنبين إن شاء الله فساد قولهم، وذلك أن ما قد مضى من حركاتها لا تحصى لكثرتها (2) في طلوعها وأفولها وإقبالها وإدبارها، وما مضى فقد وقع عليه الفناء، وما صح حدثه وصح فناؤه فله نهاية، لأن الحركة الماضية على حالين محدثين هما الحدوث والفناء، لأن الحركة الماضية لم تعدم إلا بعد حدوث كل ساعة منها، وما صح حدثه وصح فناؤه بعد حدوثه فله نهاية وغاية، لأن الحركة لم تعدم إلا بعد عدم أولها، وما كان له أول وآخر فله نهاية وغاية.
ودليل آخر
أن دور القمر في المنزلتين الشامية واليمانية يدل على حدوث حركته، وعلى حدوث ما كان من شكله، وذلك أنه لا يخلو من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن يكون ما مضى من دوره في أحد المنزلتين أكثر من دوره في المنزلة الآخرى.
وإما أن يكون ما مضى من دوره فيهما سواء بالسوية.
وإما أن يكون لم يدر فيهما أصلا.
فإن قلت: إنه لم يدر جحدت حركته.
وإن قلت: إن دوره في أحد المنزلتين أكثر من دوره في الأخرى، فللكثير العدد نهاية وغاية، لأنها لم تكثر إلا بعد قلتها، وللقليل نهاية وغاية.
صفحة ١٧٤