وإما أن يكون من فعل ميت غافل، فالعقل يشهد أن الإصلاح من المصلح (1) الجاعل.
ودليل آخر
إما أن يكون الرزق للمرزوقين من الميت الغافل.
وإما أن يكون من العالم الحي الرازق، فالعقل يشهد أن الرزق لا يكون إلا من الرازق الخالق، ويستحيل أن يكون ذلك من غير خالق.
ودليل آخر
إما أن يكون الفصل من الميت.
وإما أن يكون من حي فاضل، فالعقل يشهد أن الموات ليس بفاصل.
ودليل آخر
إما أن يكون الهدى من هاد.
وإما أن يكون من ميت، فالعقل يشهد أن الميت ليس بهاد ولا مرشد ولا راشد، ولا هدى أهدى من العقول المركبة في كل عاقل.
ودليل آخر
إما أن يكون التفهيم من مفهم.
وإما أن يكون من موات، فالموات لا يفهم فكيف إلى أن يفهم وليس بفاهم؟!
ودليل آخر
إما أن يكون التعليم من ميت جاهل.
وإما أن يكون من حي عالم، وقد وجدنا هذه الحيوانات معلمة للخيرات، ملهمة لنفي المهلكات، فالعقل يشهد أن التعليم حادث، وأنه من معلم عليم، إذ العقل يشهد أن التعليم من صفة عالم ، ويشهد أن التعليم لا يكون من فعل جاهل ميت غافل، وإن كان التعليم من غير عالم وكان من جاهل(2)، فهذا العدم بعينه، والعدم لا يوجب شيئا.
ودليل آخر
أنا نظرنا إلى جميع الحيوانات فإذا هي مهدية إلى كفالة أولادها، وإلى طلب مناكحها ومآكلها ومشاربها ومنافعها ومساكنها ومصالحها، مفهمة للنفور (3) عن مضارها ومهالكها، فعلمنا أن الهداية هي الدلالة، والدلالة (4) لا تخلو من أن تكون من عالم حي، أو من طبع(5) ميت، فالعقل يشهد أن الدليل لا يكون ميتا، ويشهد أن الهادي لا يكون (6) جاهلا.
ودليل آخر إما أن تكون هذه العقول المركبة الدالة من مركب دآل.
صفحة ١٤٩