والعمل ليسا من الإيمان وإن جعل جميع ذلك داخلاً في مسمى الإيمان كان أبلغ، فبكل حال قد وجب عليه من الإيمان ما لا يجب على غيره.
ولهذا كان من الناس من قد يؤمن بالرسول مجملاً، فإذا جاءت أمور أخرى لم يؤمن بها فيصير منافقاً مثل طائفة نافقت لما حولت القبلة إلى الكعبة وطائفة نافقت لما انهزم المسلمون يوم أحد ونحو ذلك.
ولهذا وصف الله المنافقين في القرآن بأنهم آمنوا ثم كفروا كما ذكر ذلك في سورة المنافقين، وذكر مثل ذلك في سورة البقرة فقال: مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون وقال: طائفة من السلف عرفوا ثم أنكروا وأبصروا ثم عموا.
فمن هؤلاء من كان يؤمن أولاً إيماناً مجملاً، ثم يأتي أموراً يؤمن بها فينافق في الباطن، وما يمكنه إظهار الردة بل يتكلم بالنفاق مع خاصته وهذا كما ذكر الله عنهم في الجهاد فقال: وإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم.
وبالجملة فلا يمكن المنازعة أن الإيمان الذي أوجبه الله يباين فيه أحوال الناس ويتفاضلون في إيمانهم ودينهم بحسب ذلك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في النساء: ناقصات عقل ودين، وقال في نقصان دينهن أنها إذا حاضت لا تصوم ولا تصلي، وهذا مما أمر الله به فليس هذا النقص ديناً
40