الجواب: نقول سبحان الله من هذا الاستدلال الذي هو بمعزل عن التحقيق والاعتدال، كيف يسوى بين المشاهد المقدسة التي منها مشهد الرسول الأمين صلى الله عليه وعلى آله الأكرمين الذي قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم : ((مابين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة)) ومشاهد عترته التي هي على التقوى مؤسسة التي أجمع على احترامها ومن فيها، وقد شرع الله تعالى على لسان رسوله زيارتها والتلاوة والدعاء عندها لأهلها وللزائر ولسائر المسلمين كما تقدم الاحتجاج على ذلك فيما أوردته وغيره وبين مسجد الضرار الذي أسس على شفا جرف هار واتخذ ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله، لقد ذهب بك التجاري كل مذهب، وجمعت بين المتناقضات في ذلك المطلب، فكان الأحق أن تقيسها على بيت الله الحرام بجامع كونها من شعائر الإسلام، وما قصد به إحياء طاعة ذي الجلال والإكرام، وقد تقدم الكلام في اتخاذ المساجد عليها وما المراد به، وتقدم الكلام أيضا في بناء القباب والاحتجاج عليها فلا وجه لإعادته، وإذا كانت مشروعة كما قدمنا فلا وجه لهدمها.
قوله: وكذا إزالة كل سراج وطفيه فإن فاعل ذلك ملعون .. الخ.
قد تقدم الكلام فيه ومايجوز وماكان ينبغي لك التجري والمجازفة باللعن وطريقة العلماء العاملين أن لايؤثموا ولايخطئوا بما لم يصح عند الخصم مما الطريق فيه غير معلومة وإن صح عندهم فهذه مجازفة.
وأما قياسك على الغصب في وجوب الهدم.
فنقول: أولا: لانسلم وجود العلة التي هي المعصية، ثم لو سلمنا فرضا وجودها فمن أين لك أنها العلة في الحكم مع أنها منقوضة بما بني مفاخرة وسمعة ومكاثرة؟
وأما قولك: ولايصح هذا الوقف ولايحل إثباته وتنفيذه.
فنقول: قد ثبتت شرعية الزيارة للقبور والتلاوة عندها والدعاء كما سبق فالوقف صحيح لما في ذلك من القربة المندوب إليها كسائر القرب.
صفحة ٩٤