285

[التعليق على قوله: ولهذا اعتزل أسامة الحروب التي جرت بين

الصحابة]

من صفح (9) ج (2) قوله: ولهذا اعتزل أسامة الحروب التي جرت بين الصحابة فلم يخالط شيئا منها. قال الشارح: وممن اعتزلها من الصحابة محمد بن مسلمة وأبو بكرة وعبدالله بن عمر وأبو ذر وحذيفة.. الخ.

قلت: أما أبو ذر وحذيفة رضي الله عنهما فهما ماتا قبل الحروب، توفي أبو ذر عام اثنين وثلاثين، وحذيفة عام ستة وثلاثين بعد مقتل عثمان بأربعين ليلة وكان يحث أصحابه على اللحاق بأمير المؤمنين عليه السلام وأمر ولديه صفوان وسعيدا باللحاق بالوصي عليه السلام فقتلا بصفين رضي الله عنهما، أفاده ابن عبدالبر في الاستيعاب والمسعودي في مروج الذهب. واعلم أن هؤلاء المدعين للسنة يستحسنون اعتزال قتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع أن النصوص القرآنية والأخبار المتواترة النبوية قاضية بقتالهم قال الله تعالى: ((فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)) [الحجرات:9] وقد أجمعت الأمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار: ((تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار )). والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((علي مع الحق والحق مع علي اللهم أدر الحق معه حيثما دار )). ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)).. إلى غير ذلك مما لايحاط به كثرة، والأمة مجمعة ومنهم هؤلاء المدعون للسنة أن أمير المؤمنين عليه السلام صاحب الحق، وإمام الهدى في تلك الحروب كلها فكيف يحمد من اعتزل الحق وأهله وخذل أمير المؤمنين وسيد المسلمين وإمام المتقين، نعوذ بالله من الخذلان، هذا ولاتغتر بمازخرفه المحشي من تأويل الآية بما ليس عليه دليل، فإن ذلك من قسم التحريف والتبديل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

صفحة ٢٦٩