وما عدل عنه الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام إلا بضرب من الرأي إما للإختلاف في محله كما تفهمه عبارته في المنتخب، ولكن لا يضر لأنه يحمل على التخيير مع الصحة لأنه لا تعارض في الأفعال أو لئلا يؤدي إلى الرفع في المنهي عنه عنده من الرفع والخفض أو نحو ذلك، وعلى كل حال لا يجوز أن تطرح الروايات الصحيحة الصريحة لمجرد إجتهاد مجتهد كائنا من كان، هذا خلف من القول وغلو لا يرضى به نفسه وحاشاه، فهو الداعي إلى اتباع الكتاب والسنة والجهاد والإجتهاد، ونقول للإمام الهادي إلى الحق عليه السلام: قد رويت لنا أنت وأنت الثقة الأمين والعدل المرضي وإمام الهدى: رفع اليدين في التكبيرة الأولى في الجامعين الأحكام والمنتخب مع وصفك لها بالكثرة، فنحن نأخذ بروايتك ورواية غيرك من الأئمة والأمة، وهذا هو الذي كلفنا الله تعالى به بالإجماع، والمسألة اجتهادية، والخلاف واقع بين أهل البيت عليهم السلام، ولا يقول أحد منهم بوجوب إتباع إمام معين بعد أمير المؤمنين عليه السلام، وقد روى الإمام القاسم بن محمد عليهما السلام في الإرشاد في الفصل الثالث في وقوع الإختلاف بين أهل البيت عليهم السلام عن المؤيد بالله عليه السلام ما لفظه: ويجوز أن يخطي الإمام ويسهو فيما يفتي ويجتهد من المسائل ولا خلاف في ذلك إلا عن الإمامية قال فيه: قال الإمام المنصور بالله عليه السلام وأما قول السائل: هل ينقض حكم الهادي فنحن نهاب ذلك لعظم حاله. إلى قوله: بل نقول لا يمتنع وقوع السهو في المسألة وأشباهها لا سيما على مثله عليه السلام، فإن كثيرا منها أملاها وهو على ظهر فرسه تجاه العدو.. إلى آخره، وكثيرا ما يرجع الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام عن قوله لظهور دليل لم يظهر له من قبل كالمسح على الجبائر فإنه أنكرها في الأحكام وأثبتها في المنتخب، والقول بأن المنتخب هو المتقدم غير صحيح فإنه ابتدأ في تأليف الأحكام قبل خروجه اليمن والمنتخب كله في اليمن فلا
قطع بالتقديم على الإطلاق، ولا يبعد عندي أن يؤخذ للإمام الهادي عليه السلام من روايته للرفع في التكبيرة الأولى عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقريره القول بثبوته عند من عرف طرائقه ومارس أساليبه، والخلاف بين أئمة العترة أكثر من أن يحصر، وهذا هو الذي تميز به مذهب آل محمد عليهم السلام الذي فتح باب الإجتهاد وحرم على المجتهد التقليد والله يقول: ((فبشر عباد (17) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)) [الزمر:17].
صفحة ١٦٦