============================================================
وتعالى، واخلاص الود لهم فيه وسيلة ومقربا إليه عز وجل، ويجعل سيرتهم وأحوالهم نصب عينيه، ويأخذ في الجد والاجتهاد بما كانوا عليه، ويغتنم ساعته التي هو فيها، ويجهد ألا تكون عليه، ويحاسب نفسه على الحركات والسكنات، والخطوات والخطرات، ويداوم على ذكر الله عز وجل في جميع الأوقات ؛ فقد ورد : أنه ما من ساعة تمضي على المرء لا يذكر الله سبحانه فيها. . إلا تقطعت نفسه عليه حسرات هلذا مع لزوم التقوى وصدق الالتجاء إلى الله عز وجل في أن يوفقه لما وفقهم، وأن يجمع بينه وبينهم في دار السلام، فإن عجز عن ذلك.. فلا يفوته صدق المحبة، ولا الإخلاص في موالاتهم ؛ فإن صدق المحبة لهم تلحقه بهم وإن لم يعمل أعمالهم: وقد دلت السنة الشريفة على ذلك، وأفرد العلماء رحمهم الله لذلك بابا، منهم : البخاري، ومسلم، وأبو داوود، والترمذي، والبزار، وغيرهم: وممن بؤب لذلك أيضا : الحافظ عبد الحق (1) - رحمه الله - في " أحكامه الكبري" فإنه قال: بات : المرء مع من أحب مسلم 26397]: حدثنا عثمان بن آبي شيبة، وإسحاق بن ابراهيم؛ قال إسحاق: أخبرنا، وقال عثمان : حدثتا جرير عن منصور، عن سالم بن آبي الجعد، حدثنا آنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : بينما أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارجين من المجد فلقينا رجل عند سدة المسجد، فقال : يا رسول الله؛ متى الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أعددت لها؟! قال: فكأن الرجل استكان، ثم قال : يا رسول الله؛ ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولنكني أحب الله ورسوله، قال : "فأنت مع من أحبيت" وفي رواية أخرى لمسلم (2640) : قال : يا رسول الله ؛ كيف ترى رجلا أحب قوما ولما بلحق بهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المرء مع من أحب".
(1) هو عبد الحق بن عبد الرحمان بن عبد الله الأزدي الإشبيلي ، أبو محمد، المعروف بابن الخراط، من علماء الأندلس، كان فقيها، حافظا، حالما بالحديث وعلله ورجاله، له كتب منها : " الأحكام الشرعية" ثلاثة كتب (كبري، وصغرى، ووسطي)، وكانت وفاته- رحمه الله - في تونس بالقرب من جامع الزيتونة عام (581) . انظر "الأعلام (281/3).
صفحة ٩٤