============================================================
فقال : وأي شيء في القدر على النار؟ قالت : ماء أعللهم به كي يناموا، فالله تعالى بينشا وبين عمر، فقال عمر رضي الله عنه : يا أمة الله؛ رحمك الله وما يدري عمر بكم ؟
قالت : يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟!
فبكى عمر رضي الله عنه، وجعل يهرول إلى دار الدقيق، فأخرج عدلا من دقيق، وجرابا فيه شحم، وقال : يا أسلم؛ احمله على ظهري، فقلت : أنا أحمله عنك، فقال : أنت تحمل عني وزري يوم القيامة ؟ قال : فحملته على ظهره، وانطلقنا إلى المرأة، فألقاه عن ظهره، ووضع في القدر شيئا من الدقيق، وشيئا من الشحم، وجعل ينفخ النار، والدخان يتخلل لحيته رضي الله عنه، فلما نضج الطعام. آنزله عن النار، وغرف لهم، وترك الطعام بين أيديهم، وجعل يطعمهم، ويحدثهم، والمرآة تدعو له وهي لا تعرفه، ولم يزل عندهم يلاطفهم حتى شبعوا وناموا ، فدفع إلن أمهم نفقة وانصرف رضي الله عنه، فقال لي : يا أسلم؛ الجوع أسهرهم وأبكاهم ، فأحببت أن لا أنصرف حتن أرى ما رأيت.
وقال ابن إسحاق رحمه الله : كان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يضع على عماله العيون، فله على كل عامل عين، وكان يقول : أشكو إلى الله عز وجل جلد الخائن، وهجز الثقة وقاسم أبا موسى الأشعري رضي الله عنه ماله، لأنه كان قد ولاه البصرة، ثم استقدمه منها، فقال : ما جاريتان عندك إحداهما من بنات الملوك ؟ فقال : أما إحداهما. فبيني وبين الناس، وأما التي من بنات الملوك. . فأردت بها غلاء الفداء، قال : فما جفنتان تعملان عندك ؟ قال : إنك رزقتني كل يوم شاة، أعمل نصفها بكرة ونصفها عشية، قال : ارفع إلي إحدى جواريك - أي: ثمنها- وارجع إلى عملك، وإن بلغني عنك بعدها أمر..
عاقبتك وأخذت جميع مالك وولى آبا هريرة رضي الله عنه البحرين، ثم استقدمه، فقال له : هل علمت أني حين استعملتك على البحرين كنت بغير فرس ؟ وقد بلغني آنك بعت أفراسا لك بألف وست مثة دينار، فقال : يا أمير المؤمنين؛ كانت لنا أفراس تناتجت، وعطايا تلاحقت، فقال : أخذت مال الله فأده، وقد حسبنا رزقك ومؤونتك، ومعك فضل فأده، فقال آبو هريرة رضي الله عنه : ليس ذلك لك، قال : بلى، وأوجع ظهرك، ثم قام إليه، فضربه بالدرة، يم قال : إيت بها، قال : عند الله أحتسبها، فقال : يا لكع؛ ذاك لو اخذتها من حلال وأديتها طاتعا، هل ورثت لك أمك إلا رعي الحمر؟ أخذت مال المسلمين، قال : 179
صفحة ١٧٩