مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر بالهامش بدر المتقى في شرح المُلتقى
الناشر
المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٢٨ هجري
مكان النشر
تركيا وبيروت
تصانيف
الفقه الحنفي
أَوْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ الْمَحْدُودِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مُعْتَقِدًا أَنَّ كَمَالَ السُّنَّةِ لَا يَحْصُلُ بِالثَّلَاثِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَقَوْلُهُ: تَعَدَّى يَرْجِعُ إلَى الزِّيَادَةِ وَظَلَمَ يَرْجِعُ إلَى النُّقْصَانِ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ: وَالْوَعِيدُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ سُنَّةً إشَارَةٌ إلَى اخْتِيَارِ التَّأْوِيلِ الثَّالِثِ يَعْنِي إذَا زَادَ لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ عِنْدَ الشَّكِّ أَوْ بِنِيَّةِ وُضُوءٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ قِيلَ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّ تَكْرَارَ الْوُضُوءِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ بَعِيدٌ تَدَبَّرْ
(وَالنِّيَّةُ) وَهِيَ الْقَصْدُ وَالْعَزْمُ بِالْقَلْبِ وَالْمُرَادُ هُنَا قَصْدُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ عِبَادَةٌ لَا تَسْتَغْنِي عَنْ الطَّهَارَةِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ النِّيَّةُ فَرْضٌ فِي الْوُضُوءِ كَالتَّيَمُّمِ، وَلَنَا أَنَّهُ ﵊ عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الْجَاهِلَ الْوُضُوءَ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ النِّيَّةَ، وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَعَلَّمَهُ، وَأَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَسَائِرِ شُرُوطِهَا، وَافْتِقَارُ التَّيَمُّمِ إلَى النِّيَّةِ لِيَصِيرَ الصَّعِيدُ مُطَهِّرًا لَا يُوجِبُ افْتِقَارَ الْوُضُوءِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُطَهِّرٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] وَالتُّرَابُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَكِنْ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَفِي الْكِفَايَةِ النِّيَّةُ شَرْطٌ فِي التَّوَضُّؤِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ أَوْ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ كَالتَّيَمُّمِ.
(وَالتَّرْتِيبُ الْمَنْصُوصُ) وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] الْآيَةَ وَالْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ عَقِيبَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ بِلَا مُهْمَلَةٍ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْبَاقِي أَيْضًا؛ إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ، وَلَنَا أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ حَرْفُ الْوَاوِ، وَهِيَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ، وَأَمَّا الْفَاءُ فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ حَقِيقَةً كَأَنَّهُ قِيلَ: إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا الْأَعْضَاءَ الثَّلَاثَةَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: ٩] وَلِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﵊ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ فَتَذَكَّرَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَمَسَحَهُ بِبَلَلِ كَفِّهِ» وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا لَأَعَادَ الْوُضُوءَ.
(وَاسْتِيعَابُ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ) مَرَّةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السُّنَّةُ التَّثْلِيثُ بِمِيَاهٍ مُخْتَلِفَةٍ اعْتِبَارًا بِالْمَغْسُولِ لَنَا «أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَوَضَّأَ وَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ ثَلَاثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ ﵊» وَاَلَّذِي يُرْوَى فِيهِ مِنْ التَّثْلِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّثْلِيثِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَبُلَّ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعَ يَدَيْهِ وَيَضَعَ بِطُولِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ كَفٍّ عَلَى مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَيَعْزِلَ السَّبَّابَتَيْنِ وَالْإِبْهَامَيْنِ، وَيُجَافِيَ كَفَّيْهِ وَيَجُرَّهُمَا إلَى مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَمْسَحَ الْفُؤَادَيْنِ بِالْكَفَّيْنِ إلَى مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَيَمْسَحَ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ الْإِبْهَامَيْنِ وَبَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ بِبَاطِنِ السَّبَّابَتَيْنِ وَيَمْسَحَ رَقَبَتَهُ بِظَهْرِ الْيَدَيْنِ حَتَّى يَصِيرَ مَسْحُهُمَا بِبَلَلٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ؛ لِأَنَّ الْبَلَّةَ لَمْ تُسْتَعْمَلْ
1 / 15