مجيء (أبو) في موضع نصب أو جر على الحكاية

إبراهيم بن عبد الله المديهش ت. غير معلوم

مجيء (أبو) في موضع نصب أو جر على الحكاية

تصانيف

مجئ (أبو) في موضع نصب أو جر، على الحكاية علي بن أبو طالب معاوية بن أبو سفيان ﵃ «اعْلَمْ أنَّ العَرَبَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي الحِكَايَة اخْتَلافًَا شَدِيْدًَا ...» «الفوائد والقواعد» للثمانيني (ت ٤٤٢ هـ) (ص ٨٣٧). كتبه: إبراهيم بن عبدالله المديهش

1 / 1

النشرة الثالثة تقنيَّة لا وَرَقِيَّة ٣/ ١٤٤٠ هـ

1 / 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعد فهذه مسألة يسيرة: (مجئ «أبو» في موضع نصب أو جر)، وردت على النحاة، والمفسرين، والمحدِّثين، والمؤرخين، وغيرهم، واختلفت آراؤهم حولها، وقد استدل بعضهم بأدلة حديثية وتاريخية تحتاج لنظر وبحث في ثبوتها وفهمها. كتبت هذه الأوراق مشاركةً لأهل الاختصاص اللغوي، وحسبي في عملي هذا الوقوف على آراء الأئمة، وجمع ماله صلة بالموضوع، وأما التحليل النحوي، والترجيح المحكم مع التعليل، فهو للمختصين. الباعث على كتابتها: أن الشاعر النبيل الغيور على لغة القرآن: أ. د. عبدالله بن سليم الرشيد - حفظه الله ورعاه، ورفع قدره - (١)، ذكرها لطلابِه قبل ثلاث عشرة سنة تقريبًا، وطلب منهم تتبع هذه المسألة، إذْ إنه لا يعرف أن (أبو) وردت في موضع نصب أو جر.

(١) أ. د. عبدالله بن سُلَيم بن أحمد الرُّشيد، أبو بسَّام، ولد في محافظة الغاط، وتخرج في كلية اللغة العربية بالرياض، التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سنة (١٤٠٧ هـ)، ومن «قسم الأدب» في الكلية نفسها حصل على الماجستير سنة (١٤١٤ هـ)، ثم الدكتوراه سنة (١٤٢١ هـ). وهو الآن أستاذ في القسم، وله نشاط ثقافي وأدبي ونقدي، وحضور متنوع في وسائل الإعلام المحلية والعربية، وإسهامات جادة في بحوثه العلمية، ومقالاته الصحفية.

1 / 3

نُقلَت لي هذه الفائدة النفيسة، فحفظتُها، وأفدتُ بها، ثم وقفتُ على مواضع وكلام لأهل العلم في المسألة، فقيدتها شيئًا فشيئًا، حتى بلغت النصاب - فيما أرى ـ؛ ولأني لم أجد من أفرد هذه المسألة في كتابٍ أو بحثٍ، عزمت على نشرها (١) أحمد الله تعالى على توفيقه وتيسيره، ثم أشكر الفاضل أ. د. عبدالله الرشيد على مراجعته

من مؤلفاته: «مقطعات الأعراب النثرية»، و«أدب الصحراء دراسة في مقطعات الأعراب النثرية»، و«مجتمع البادية القديم من خلال مقطعات الأعراب»، و«الأفاكيه والنوادر - مدخل لتدريس فنون اللغة العربية ـ»، ... و«وقوفًا بها، ثلاث ظواهر في الشعر العربي الحديث»، و«دواوين لشعراء مغمورين جمعًا وتحقيقًا ودراسة»، ... و«الطب والأدب علائق التاريخ والفن»، و«السيف والعصا - مذكرات في مشكلة الفصحى والعامية ـ»، ... و«تنورتها من أذرعات ــ دراسات في الشعر تليده وطريفه ــ»، «مدخل إلى دراسة العنوان في الشعر السعودي»، و«رجل الصناعتين: شفيق جبري»، و«الحدَقة والأُفُق ــ دراسات في النثر تليده وطارفه ـ»، و«في حومة الحرف - دراسات ومقالات عن الأدب العربي في المملكة العربية السعودية ـ»، و«مابقي من كتاب الرِّحل لأبي القاسم الخوارزمي (ت بعد ٥١٠ هـ) جمعًا وتعليقًا. من دواوينه: «خاتمة البروق»، و«حروف من لغة الشمس»، و«أوراد العشب النبيل»، و«نسيان يستيقظ»، و«قنديل حذام». واعتنى بكتاب والده تقديمًا وتعليقًا وإخراجًا: «قيد الصيد - مختارات وانتقاءات وتعليقات ـ» لسُلَيم بن أحمد الرُّشيد (١٣٥٦ هـ - ١٤٣٤ هـ) ﵀. وقد كتب عنه مجموعة من الأدباء منهم: د. محمد بن سعد الحركان في مؤلَّفه: «ذاكرة الشعر .. وتذكر الشاعر ــ التجربة الشعرية لعبدالله بن سليم الرشيد ـ» - ط. دار الانتشار العربي ـ. تنظر ترجمته في: «قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية» ــ ط. دارة الملك عبدالعزيز - ... (١/ ٥٩٧). (١) وقد توصلتُ إلى ما ذكره د. عبدالله - سدَّده الله - من عدم ورود شئ ثابت في عصور الاستشهاد، كتابةً ونطقًا.

1 / 4

وتصحيحاته وتعليقاته، جزاه الله خير الجزاء. وشكر عاطر للأديب الفاضل د. إبراهيم بن محمد أبانمي ــ وفقه الله - على مراجعته ومرئياته الطيبة. والشكر موصول للأساتذة الباحثين الذي أفادوني ببعض النقول - وقد نسبتها إليهم في موضعها. وشكر خاص للأستاذ الفاضل: فيصل بن علي المنصور ــ وفقه الله - على تفضله بتعليقات نفيسة، وملحوظات جميلة. أحسن الله إليهم جميعًا، وجزاهم عني خير الجزاء، ونفع بهم الإسلام والمسلمين.

1 / 5

هل ترد (أبو) في موضع نصب أو جر ــ على الحكاية ــ مثل: علي بن أبو طالب (١)، معاوية بن أبو سفيان ﵃؟ نعم، وردت هكذا في مجموعة نصوص لبعض الأعلام (٢)، لكن بعض العلماء يرى بأنها تردُ كتابةً لا نطقًا ــ وهو الراجح ـ وقال بعضهم: كتابة ونطقًا - على الحكاية ـ. والبحث هنا في أعلام غلبت عليهم الكنية حتى أصبحت علمًا عليهم، وقد قيل في بعض الأعلام بأن اسمه كنيته. (٣)

(١) قال أبو عبدالله الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (٣/ ١١٦) بعد حديث (٤٥٧٢): (وقد تواترت الأخبار بأن أبا طالب كنيته اسمه). وانظر: «الإصابة» لابن حجر (٧/ ١٩٦). (٢) ينظر مثلًا: «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (٣/ ٤٤٤)، و(٤/ ٤٢٣)، «تسمية من روي عنه من أولاد العشرة» لابن المديني (ص ٨١)، «التاريخ الكبير» للبخاري (٣/ ٣٥٨)، (٥/ ١٥٩)، «غريب الحديث» لابن قتيبة (٢/ ١٦٣)، «أنساب الأشراف» للبلاذري (٦/ ٨٢)، «التاريخ وأسماء المحدثين» للمقدمي (ص ١٦١)، (٧٨٦)، «السنة» لابن أبي عاصم (١/ ٢٤٣) رقم (٥٥٠)، «مسند السراج» (ص ٢٠٥) رقم (٥٨٨)، ... «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٢/ ٢٤٠، ٢٤٩، ٤٧٤)، «العلل» لابن أبي حاتم - تحقيق جماعة - (١/ ٤٢٦) مع تعليقهم عليه - وسيأتي نقله بتمامه ـ، «معجم الصحابة» لابن قانع (١/ ٢١٠)، «الثقات» لابن حبان (٦/ ١٠٠)، (٨/ ٢٧٦)، «الضعفاء» للدارقطني رقم (٢٧) و(٩٤)، «النوادر والزيادات» لابن أبي زيد القيرواني (٤/ ٢٣٧)، «غريب الحديث» للخطابي (١/ ١٤٨)، «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (١/ ٢٠)، وغيرها. (٣) مثل: أبو سلمة بن عبدالرحمن بن عوف القرشي. «التاريخ الكبير» للبخاري (٥/ ١٣٠)، وأبو القاسم بن الزناد. «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٩/ ٤٢٧)، وأبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث المخزومي. «الثقات» لابن حبان (٥/ ٥٦٠). وغيرهم كثير، انظر: «تاريخ بغداد» (٢/ ١٢٩) و(٥/ ٢٣٣)، (١٦/ ٥٤٢)، «معجم

1 / 6

ومن أفخاذ القبائل ما يبدأ بِ (أبو): أبو ربَّاع من بني وائل.

الأدباء» لياقوت (٤/ ١٤٧٤)، «تهذيب الكمال» للمزي (١٤/ ٦١)، و(٢١/ ٣٤٨)، و(٣٣/ ٤٩، ٦٦، ١١٣، ١٣٠، ٤٤٩)، و(٣٤/ ٦٣، ١١٦، ١٢١، ١٩٣) ولابن قتيبة (ت ٢٧٦ هـ) في كتابه «المعارف» (ص ٥٩٩): فصل: المسمَّون بكُناهم فائدة: لأهل الحديث تفصيل دقيق جميل في الكنى، ينظر: «تدريب الراوي» للسيوطي (٢/ ٧٦٣) فقد ذكروا تسعة أقسام في مسائل الكنى - ابتكرها ابن الصلاح كما في «مقدمته» (ص ٥٧٠) ـ، أذكر ما يناسب هذا البحث زيادة في فهمه: قال السيوطي: (الأول: من سُمِّي بالكنية لا اسم له غيرها: وهو ضربان: من له كنية أخرى زيادة على الاسم. قال ابن الصلاح: فصار كأن لكنيته كنية، قال: وذلك ظريف عجيب. كأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن. قال العراقي: وهذا قول ضعيف، رواه البخاري في «التاريخ» عن سُمَي مولى أبي بكر، وفيه قولان آخران: أحدهما: أن اسمه محمد، وأبو بكر كنيته، وبه جزم البخاري. والثاني: أن اسمه كنيته وهو الصحيح، وبه جزم ابن أبي حاتم وابن حبان، وقال المزي: إنه الصحيح. ومثله أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، كنيته أبو محمد، قال الخطيب: لا نظير لهما في ذلك. وقيل: لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه. الثاني من الضربين: من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه، كأبي بلال الأشعري الراوي، عن شريك. وكأبي حَصين - بفتح الحاء - يحيى بن سليمان الراوي، عن أبي حاتم الرازي. قال كل منهما: اسمي وكنيتي واحد، وكذا قال أبو بكر بن عياش المقرئ: ليس لي اسم غير أبي بكر). ثم ذكر القسم الثاني: من عرف بكنيته ولم يعرف له اسم، والقسم الثالث: من لُقِّب بكنية وله غيرها اسم وكنية، كأبي تراب علي بن أبي طالب، أبي الحسن. القسم الرابع: من له كنيتان فأكثر .. إلخ الأقسام.

1 / 7

وفي زماننا أُسَر أيضًا، مثل: أبو زيد، أبو عباة، أبو معطي (١)، أبو حيمد، وأبو نيَّان، وغيرهم كثير. ومثل مدينة: أبو ظبي. (٢) وجبل: أبو قبيس (٣)، وأبو عريش (٤)، وغير ذلك. (٥) فلو أعربت أسماء هذه الأسر خاصة، لوقع لبس شديد، فالظاهر - وهو ما عليه العمل - أنها تحكى كما هي، لأن (أبو) أصبحت اسمًا لا كنية، وفي المقابل نجد كنى غلبت على أصحابها مثل: أبي بكر الصديق، وأبي هريرة ﵃، ولم نجد في كتب التراث التزام (أبو) مطلقًا في هذه العلمين الكبيرين اللذَيْن تكررا في كتب التراث. فورود (أبو) في موضع نصب أو جر، وردت قليلًا في الأعلام، وهذا يدلُّ - والله أعلم - على أنها في الكتابة دون النطق، ومما يدل على ندرة ذلك أن ابن كثير ﵀ استنكر اللحن كتابةً: (علي بن أبو طالب) وجعله من الأدلة على وضع الحديث الوارد فيه.

(١) هذه الأسر الثلاث من قبيلة بني زيد، من بلدة شقراء والدوادمي والشعَراء. (٢) ينظر في التعريف بها: «معجم البلدان والقبائل في شبه الجزيرة العربية ...» ط. الدارة (٥/ ٤٨٧). (٣) ينظر: «معجم البلدان» لياقوت (١/ ٨١). (٤) في منطقة جازان، جنوب المملكة العربية السعودية. (٥) ينظر مثلًا مواضع: «معجم اليمامة» لابن خميس (١/ ٥٥ - ٥٦)، «معجم بلاد القصيم» للعبودي (١/ ٢٧٥ ومابعدها)، و«المُنى في المكنَّى والكُنى» لأبي علي سليمان النغيمشي (٢/ ٤٥٦ - ٤٥٩).

1 / 8

أقوال العلماء: ١. جاء في «صحيح البخاري» حديث رقم (٦٢٠٤): حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: إن كانت أحب أسماء علي ﵁ إليه لأبو تراب، وإن كان ليفرح أن يدعى بها، وما سماه أبو تراب إلا النبي ﷺ ...، قال ابن حجر في «فتح الباري» (١٠/ ٥٨٧): (وقوله وما سماه أبو تراب إلا النبي ﷺ. قال ابن التين: صوابه أبا تراب. قلت: وليس الذي وقع في الأصل خطأ، بل هو موجه على الحكاية، أو على جعل الكنية اسمًا، وقد وقع في بعض النسخ أبا تراب، ونبَّه على اختلاف الروايات في ذلك الإسماعيلي، ووقع في رواية أبي بكر المشار إليها آنفا بالنصب أيضًا. وقوله: «إن كانت لأحب أسمائه إليه» فيه إطلاق الاسم على الكنية وأنها كانت باعتبار الكنية ..). انتهى من «الفتح». ٢. في «صحيح البخاري» حديث رقم (٣٩٠٤) و(٣٦٥٤) (١): «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ ...». وفي «صحيح البخاري» أيضًا رقم (٤٦٦) (٢)، «صحيح مسلم» رقم (٢٣٨٢): «أبو بكر» بالرفع. قال الحسين بن محمود الزَّيْدَانيُّ الشِّيرازيُّ الحَنَفيُّ المشهورُ بالمُظْهِري (ت ٧٢٧ هـ) في ... «المفاتيح في شرح المصابيح» (٦/ ٢٩٠): (قوله: «أبو بكر»، قياسه: أبا بكر، ليكون اسم «إنَّ»، والجار والمجرور خبره، لكن روي

(١) كذا في «صحيح البخاري» النسخة اليونينية (٥/ ٤). (٢) وهو في «صحيح البخاري» النسخة اليونينية (١/ ١٠٠)، «إرشاد الساري» للقسطلاني (١/ ٤٥٣).

1 / 9

برفع «أبو»، وفيه أوجه: الأول: أن تكون «من» زائدة على مذهب الأخفش؛ أي: إنَّ أمنَّ الناس. الثاني: أن يكون «أبو بكر» جوابًَا عن سؤال، كأنه قيل له: مَنْ أمَنُّ الناس عليك؟ فقال: ... «إن أمنَّهم أبو بكر»، فرفع على الحكاية. الثالث: أن تكون «إن» بمعنى: نعم، جوابًَا لا تعمل شيئًا). قال محمد بن أبي بكر الدماميني (ت ٨٢٧ هـ) في «مصابيح الجامع» (٧/ ٢٦٢): («إنَّ من أمن النَّاس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر»): المرادُ بـ «أمن»: أَسْمَحُ، وأَبْذَلُ، وليس المراد معنى الامتنان؛ لأن المنَّة تفسد الصَّنيعة، ولا مِنَّةَ لأحدٍ على رسول الله ﷺ. ويروى: «أبا بكر» بالنصب، على أنه اسم إنَّ، وهو واضح. وأما «أبو بكر» بالرفع؛ قال ابن برِّي: هو خبر «إنَّ»، واسمها محذوف، و«من أمن النَّاس» صفته، والمعنى: أن رجلًا أو إنسانًَا من أمنِّ النَّاس عليَّ، و«من» زائدة على رأي الكسائي. وهو ضعيف، وحملُه على حذف ضمير الشأن حملٌ على الشذوذ، ولو قيل: بأنَّ «إنَّ» بمعنى: نعم، و«أبو بكر» مبتدأ، وما قبله خبره؛ لاستقام من غير شذوذ ولا ضعف). قال البِرْماوي (ت ٨٣١ هـ) في شرحه «اللامع الصبيح» (١٠/ ٢٣٣): («أبا بكر» اسم «إن»، ويروى: «أبو بكر» بالرفع، إمَّا لأن «من» زائدة على رأي الكسائي، وإما على إضمار الشأن، أي: أنه وما بعده مبتدأ وخبر: خبر «إن»، وإما على تقدير محذوف موصوف بالجار والمجرور، أي: إن رجلًا أو إنسانًا من أمنّ النَّاس؛ قاله ابن بَرِّي، وإما على مذهب من جوَّز أن يقال: علي بن أبو طالب، وإما أن «إنَّ» بمعنى: نعم).

1 / 10

وقال ابن هشام النحوي (ت ٧٦١ هـ) في «تذكرته» (١): [قوله ﷺ: «إنَّ مِنْ أمَنِّ الناس عليَّ في ماله أبو بكر». توجيهه أن يكون «مِنْ أمَنِّ الناس» صفة لمحذوف، أي: إن رجلًا أو إنسانًا من أَمَنِّ الناس. وقوله: «أبو بكر» هو الخبر. قال ابن هشام: يمكن فيه عندي غير ذلك، وهو أن يكون «مِن أَمَنِّ الناس» خبرًا تقدَّم، ... و«أبو بكر» اسمًا تأخر، وجاز ذلك على الحكاية، أي المشهور بقول الناس له: أبو بكر. وعلى هذا خُرِّج: «وكتبه علي بن أبو طالب»، و«معاوية بن أبو سفيان»]. انتهى. قال ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) في «فتح الباري» (٧/ ١٢): (قوله: «إن أمَنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر»، في رواية مالك كذلك، وفي رواية محمد بن سنان: «إن مِن أمَنِّ الناس علي» بزيادة «مِن»، وقال فيها: «أبا بكر» بالنصب للأكثر، ولبعضهم «أبو بكر» بالرفع. وقد قيل: إن الرفع خطأٌ، والصواب النصب؛ لأنه اسم إنَّ. ووجه الرفع بتقدير ضمير الشأن أي: إنه. والجار والمجرور بعده خبر مقدَّم، وأبو بكر مبتدأ مؤخر، أو على أنَّ مجموع الكنية اسمٌ فلا يُعرب ما وقع فيها من الأداة، أو إنَّ بمعنى نعم، أو إنَّ مِن زائدة على رأي الكسائي.

(١) «مختصر تذكرة ابن هشام الأنصاري» لمحمد بن جلال الحنفي التبَّاني (ت ٨١٨ هـ) (ص ٣٧٣) رقم (٢١٥). وانظر ما سيأتي هنا في الرقم (١٤).

1 / 11

وقال ابن بري: يجوز الرفع إذا جعلت من صفة لشيء محذوف، تقديره: إنَّ رجلًا أو إنسانا مِن أمَنِّ الناس. فيكون اسم إنَّ محذوفًا، والجار والمجرور في موضع الصفة، وقوله: «أبو بكر» الخبر ..). وفي «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٢٩) أيضًا عند شرحه حديث البخاري رقم (١٨٢٤): (قوله «إلا أبا قتادة» كذا للكُشميهني، ولغيره: «إلا أبو قتادة» (١) بالرفع ووقع بالنصب عند مسلم (٢) وغيره من هذا الوجه ... إلى أن قال: ومن توجيه الرواية المذكورة وهي قوله إلا أبو قتادة أن يكون على مذهب من يقول علي بن أبو طالب). ٣. قال سيبويه (ت ١٨٠ هـ) ﵀ في «الكتاب» (٢/ ٤١٣): (اعلم أن أهل الحجاز يقولون إذا قال الرجل رأيت زيدًا: مَن زيدًا؟ وإذا قال: مررتُ بزيدٍ قالوا: مَن زيدٍ؟ وإذا قال: هذا عبدُالله قالوا: مَن عبدُالله؟ وأما بنو تميم فيرفعون على كل حال، وهو أقيسُ القولين. فأما أهل الحجاز فإنهم حملوا قولهم على أنهم حكَوا ما تكلَّم به المسؤول، كما قال بعض العرب: دعنا من تَمْرتان، على الحكاية لقوله: ما عنده تمرتان. وسمعتُ عربيًا مرَّة يقول لرجل سأله فقال: أليس قُرشيًا؟ فقال: ليس بقرشيًا، حكاية لقوله. فجاز هذا في الاسم الذي يكون علَمًا غالبًا على ذا الوجه، ولا يجوز في غير الاسم الغالب كما

(١) ينظر «صحيح البخاري» النسخة اليونينية (٣/ ١٣)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (٣/ ٢٩٧). (٢) «صحيح مسلم» حديث (١١٩٦).

1 / 12

جاز فيه؛ وذلك أنه الأكثرُ في كلامهم، وهو العلَمُ الأول الذي به يتعارفون، وإنما يُحتاج الى الصفة إذا خاف الالتباس من الأسماء الغالبة. وإنما حكى مبادرةً للمسؤول، أو توكيدًا عليه أنه ليس يسألُه عن غير هذا الذي تكلَّمَ به. والكُنية بمنزلة الاسم. وإذا قال: رأيت أخا خالد، لم يجز: مَن أخا خالد، إلا على قول من قال: دعنا مِن تمرتان، وليس بقرشيًا. والوجه الرفع؛ لأنه ليس باسم غالب ...). ٤. قال الفراء (ت ٢٠٧ هـ) ﵀ في «معاني القران» (٣/ ١١٤): (١) («والجار ذا القربى» ولم يقرأ بِهِ أحد، وربما كُتب الحرف على جهة واحدة، وهو فِي ذَلِكَ يقرأ بالوجوه. وبلغني: أن كتاب عليّ بْن أَبِي طَالِب ﵀ كَانَ مكتوبًا: هَذَا كتاب من عليِّ بن أَبُو طَالِب. كتابها: أَبُو. فِي كل الجهات، وهي تُعرب فِي الكلام إِذَا قرئت). تأمل قوله: وهو في ذلك يقرأ بالوجوه .... وقوله: وهي تعرب إذا قرئت. ٥. قال ابن قتيبة ﵀ (ت ٢٧٦ هـ) في «تأويل مشكل القرآن» ــ تحقيق: أحمد صقر - (ص ٢٥٧) (٢) قال: (ولذلك كانوا يكتبون: علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان، لأن الكنية بكمالها

(١) أفدته من الأستاذ المبدع: فيصل المنصور - وفقه الله ـ، من حسابه في «تويتر» وقال بعده معلِّقًا: (وفائدة قول الفراء النص على أنه يكتب بالواو، ولكن يعرب بالحروف بحسب موضعه لا كما توهمه بعض المتأخرين). قلت: ويؤيده ما سيأتي ذكره عن ابن قتيبة في «المشكل»، وما نقله النحَّاس، وما سيأتي في قول ابن الأثير. وللأستاذ فيصل تعليق متين، وضعته ضمن الأقوال في المتن - كما سيأتي ـ (٢) أفادني بهذا المصدر الأستاذ البحاثة السوري: أبو عبدالرحمن وئام بن رشيد بن محمد بدر - جزاه الله خيرًا ـ.

1 / 13

صارت اسمًا، وحظُّ كلِّ حرف الرفع ما لم ينصبه أو يجرّه حرف من الأدوات أو الأفعال. فكأنه حين كنّي قيل: أبو طالب، ثم ترك ذلك كهيئته، وجُعل الاسمان واحدًا). ٦. جاء في «الرسالة» للشافعي (ت ٢٠٤ هـ) ﵀ بتعليق أحمد شاكر (ص ٨٩) فقرة (٢٩٥) قال: أخبرنا سفيان، عن سالم أبو النضْرـ مولى عُمَر بن عبيد الله - ... علَّق محققه: أحمد شاكر بما خلاصته: أن بعض القارئين لم يعجبه هذا النص لمخالفته المشهور في استعمال الأسماء الخمسة، فعدَّله، وهو تصرف غير جيد، وذكر أن له وجهًا في العربية، فنقل قول ابن قتيبة من «تأويل مشكل القرآن». وذكر أن سالمًا اشتهر بكنيته وغلبت عليه. ثم ذكر مثالًا آخر من بعض المحققين لكتاب القرطين حيث عدَّلوا ما في المخطوط وهو مكتوب بالواو، ثم أحال لكشاف الزمخشري في تفسير سورة المسد. ٧. قال أبو جعفر النحاس (ت ٣٣٨ هـ) ﵀ في «عمدة الكتاب» - ط. ابن حزم - (ص ٧٣) (١): (أجاز الكوفيون في أبي جادٍ أن تجعل الواو من بناء الاسم وعدد حروفه، وتوقع الإعراب على الدال فلا تجريه، فيقول: أعجبني أبو جاد، وكتبت أبو جاد، ونظرت إلى أبو جاد، واحتجوا بما روي: (وكتب علي بن أبو طالبٍ). وسمعت علي بن سيلمان (٢) يقول: هذا خطأٌ عظيمٌ، وهدمٌ لأصول العربية، أو معنى هذا؛ قال: والقول فيه أن الواو والياء والألف حروف المد واللين عندهم واحدٌ، فيبدلون بعضها من

(١) والطبعة القديمة بعنوان: «صناعة الكُتَّاب» بتحقيق: د. بدر أحمد ضيف (ص ٦٩). (٢) هو الأخفش.

1 / 14

بعضٍ في الخط واللفظ على ما يجب في العربية، فيقولون: رأيت أبا محمدٍ، ويكتبونه بالواو؛ وليس يستنكر أن يقال: لهم الفضل والتقدم، وليس لهم علمٌ بالخط وبحقيقته، وقد كتبوا: «كمشكاةٍ» بالواو. قال الفراء: إذا سمَّيت رجُلًا بأبي جادٍ، قلتَ: هذا أبو جادٍ. قال: وإن نويت أنك سميته بالكلمة التي يتعلمها الناس؛ كان لك الإجراء وتركه، فمن أجرى قال: الاسم في الأب، ومن لم يجْرِ توهم أن الاسم في جاد، أنشدني الكسائي: فإلى ابنِ أمِّ أنَاسَ تعمَدُ ناقتي * لم يجر أناس؛ لأنه قدر الاسم فيه. قال أبو جعفر: الذي أعرفه من قول الكوفيين أنهم يجيزون للشاعر إذا اضطر ترك صرف ما ينصرف، وهم ينشدون هذا البيت: وإلى ابنِ أمِّ أناسٍ أرحلُ ناقتي * وهذا خطأٌ عند أكثر البصريين، والرواية: وإلى ابنِ أمِّ أنَاسٍ أرحل ناقتي. على تخفيف الهمزة ...). ٨. قال الخطابي (ت ٣٨٨ هـ) ﵀ في «غريب الحديث» (١/ ١٥٢): (وقوله: إلى المهاجر بن أبُو أُميَّة (١) فقد كان حَقُّه في الإعراب أن يُقالَ ابنُ أَبِي أُمَيَّة لأنه مضاف إلى أبيه، ولكن لاشتهاره تُرِك عَلَى حالِه كما قيلَ علي بن أبو طالب.

(١) انظر الكتاب وإسناده في: «غريب الحديث» للخطابي (١/ ١٤٩)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (٦٢/ ٣٩٢)، وانظر: «مجموعة الوثائق السياسية» لمحمد حميد الله (ص ٢٤٧).

1 / 15

وأخبرنا ابن الأعرابي، قال: أخبرنا العباس الدوري، قال: حدثنا يحيى بن معين قال: كان إسماعيل بن أبي خالد (١) يقول: قيس بن أبو حازم). انتهى أقول: ولفظه في «تاريخ يحيى بن معين» (ت ٢٣٢ هـ) رواية الدُّوري (٣/ ٤٤٤) رقم ... (٢١٧٧): (سمعت يحيى يقول: كان إسماعيل بن أبي خالد إذا حدَّث عن قيس يقول: حدثني قيس بن أبو حازم. قلت ليحيى: كان إسماعيل من العرب؟ قال: كان مولى بجيلة). انتهى. وجاء في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» للخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) تحقيق: د. ماهر الفحل (١/ ٤٢٨) (٢) باب ذكر الرواية عمن قال: يجب تأدية الحديث على الصواب، وإن كان المحدِّث قد لحن فيه وتركَ مُوجب الإعراب. وساق الخطيب نصوصًا كثيرة في الباب، أورد ... منها: (٦١١) أخبرنا محمد بن الحسين القطان، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان (٣)، قال: حدثنا الحُمَيدي، قال: قال سفيان: «كان ابن أبي خالد يقول: سمعتُ المستوردَ أخي بني فهر، يلحن فيه، فقلت أنا: أخا بني فهر».

(١) هو البجلي الأحمسي مولاهم، الكوفي، روى عن قيس بن أبي حازم، وهو ثقة ثبت. (ت ١٤٦ هـ). تنظر ترجمته في ... «تهذيب الكمال» (٣/ ٦٩)، «سير أعلام النبلاء» (٦/ ١٧٦). (٢) وانظر: «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» للخطيب أيضًا (٢/ ٢١). (٣) البسوي، وقد ذكره في «المعرفة والتاريخ» (٣/ ٥٤).

1 / 16

(٦١٢) أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الصواف، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد (١)، حدثني أبي، ثنا هُشيم، قال: «كان إسماعيل بن أبي خالد وقد لقي أصحاب رسول الله ﷺ فاحشَ اللحن، كان يقول: حدثني فلان، عن أبوه». (٦١٣) أخبرنا محمد بن عبد الواحد الأكبر، قال: أخبرنا محمد بن العباس، قال: أخبرنا ابن مرابا، قال: حدثنا العباس بن محمد، قال: سمعت يحيى (٢)، يقول: «كان إسماعيل بن أبي خالد إذا حدَّث عن قيس، يقول: حدثني قيس بن أبو حازم، قلت ليحيى: كان إسماعيل من العرب؟ قال: كان مولى بجيلة. علَّق الخطيب بقوله: لا أعلم أحدًا حدَّث عن ابن أبي خالد عن قيس فنسبَه: إلا قال: ابن أبي حازم، وهذا إجماع منهم أن إصلاح اللحن جائز، والله أعلم). فائدة: قال ابن عبدالبر (ت ٤٦٣ هـ) في «جامع بيان العلم وفضله» (١/ ٣٥١): (وكان ممن يأبى أن ينصرف عن اللحن فيما روي عنه: نافع مولى ابن عمر ﵄، وأبو معمر عبد الله بن صخر الأزدي، وأبو الضحى مسلم بن صبيح، ومحمد بن سيرين. ذكر أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية قال: «كنا نريد نافعًا على إقامة اللحن في الحديث فيأبى». ثم ساق ابن عبدالبر بإسناده إلى أبي معمر قوله: «إني لأسمع في الحديث لحنًا فألحن اتباعًا لما سمعت»).

(١) عبدالله بن الإمام أحمد، وقد ذكر الأثر في «العلل» (١/ ٣٤٧) رقم (٦٤٧)، و(٢/ ٢٤٩) رقم (٢١٤٧). (٢) هو ابن معين.

1 / 17

٩. قال ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ) ﵀ في «النهاية» (١/ ٢٠): (وفي حديث وائل بن حجر «من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبو أمية» حقه أن يقول ابن أبي أمية، ولكنه لاشتهاره بالكنية، ولم يكن له اسم معروف غيره، لم يُجَرّ، كما قيل: على بن أبو طالب). ١٠. قال ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ) أيضًا في «منال الطالب في شرح طوال الغرائب» (١/ ٦٧) (١): («من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبو أمية». قال ابن الأثير: (وأبو أمية هكذا يُروى بالرفع في حال الجر، لأنه اشتُهر بذلك وعُرف به، فجرى مجرى المثل الذي لا يُغيَّر، نحو قولهم: علي بن أبو طالب، بالرفع؛ لأن أباه اشتهر بكنيته، فلا يكاد يُعرف اسمه، واسمُه عبد مناف، واسم أبي أمية: سُهيل). قال الملا علي قاري الهروي (ت ١٠١٤ هـ) في «شرح الشفا» (١/ ١٩٣): (ولما كان أبو أمية مشتهرًا؛ تركه رسول الله ﷺ على حاله، كما يقال: علي بن أبو طالب - كرم الله وجهه ـ. وحكى أبو زيد في «نوادره» عن الأصمعي، عن يحيى بن عمر: أنَّ قريشًا كانت لا تغير الأب في الكنية، تجعله مرفوعًا في كل وجه، من الرفع والجر والنصب). (٢)

(١) أفدته من الأستاذ: أبي تراب الحزمي، من حسابه في «تويتر». (٢) ونقله الزرقاني (ت ١١٢٤ هـ) في «شرحه على المواهب اللدنية» (٥/ ٤٣٧)، ثم الكتاني في «التراتيب الإدارية» (١/ ١٥٥). ولم أجد النصَّ في مصدر أصلي متقدم! فليُبحث عنه. قال الأستاذ الفاضل: فيصل بن علي المنصور ــ رعاه الله، فيما كتبه إليَّ ـ: (هذه الحكاية مطعون فيها لوجوه: أنها ليست موجودة في «نوادر أبي زيد» المطبوعة. تفرد حاكيها بذلك. تأخر زمنه جدَّا. أنا لا نجد أبا زيد يروي عن الأصمعي لأنهما قِرنان، بل كان أبو زيد أسنَّ من الأصمعي وكان الأصمعي يجلُّه وربما روى عنه. وهو قليل. يحيا بن عمر بهذا اللفظ أظنه غير معروف. والمعروف يحيا بن يعمر لا عمر العدواني وعيسى بن عمر الثقفي. أن هذا تفرد لم يثبت يقينًا عن أبي زيد، فلا يصح أن يُقبل لمخالفته لما هو أقوى منه ككلام الفراء الذي ذكر أن هذا في الرسم لا النطق، ولأنه لو كان لغة علي رض لكان لغة قريش ولقرئ بها في قراءة مشهورة (تبت يدا أبي لهب) مثلًا ولنبّه عليه العلماء المتقدمون وذكروه. ومثل هذه المسألة لا تخفى لشيوعها وكثرة دورانها). انتهى. ولهما: (أبو زيد، والأصمعي) ترجمة في «تهذيب الكمال» (١٠/ ٣٣٠)، و(١٨/ ٣٨٢)، ولم يذكر أحدهما في ترجمة الآخر ضمن شيوخه أو تلاميذه. ووجدتُ من شيوخ أبي زيد: عبدالملك بن جُريج، فربما تصحف الاسم - لو صحَّ الأثر - والله أعلم ـ. وينظر في ترجمتهما أيضًا: «تاريخ بغداد» (١٠/ ١٠٩) و(١٢/ ١٥٧)، و«نزهة الألباء» للأنباري (ص ٩٠ و١٠١)، وانظر: «المزهر» للسيوطي (٢/ ٣٤٤). فائدة: قال الكتاني في «التراتيب الإدارية» (١/ ١٥٥): ذكر في كتاب «عمدة الطالب في أنساب أبي طالب» أنه رأى عدة مصاحف بخط علي بن أبي طالب كُتب هكذا: (علي بن أبيطالب).

1 / 18

١١. وقال ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ) - أيضًا - في «البديع في علم العربية» (٢/ ٣٦٨): (قد أثبتوا الواو على خلاف النطق بها، قالوا: علي بن أبو طالب، ويتكلمون بالياء، وكتبوا في المصحف: الصلوة، والزكوة، والحيوة، والمشكوة، والربوا، بالواو، (١) واللفظ بالألف).

(١) فائدة: انظر بحثًا مجوَّدًا عن رسم: الصلوة، الزكوة، الربو، الحيوة، ونحوها في كتاب: «رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية» د. غانم قدوري الحمد (ص ٢٧٦ - ٢٨٣).

1 / 19

١٢. قرئ: «تبَّتْ يدا أبو لهب وتَبَّ». ولم أجد هذه القراءة في كتب القراءات، وأقدم ... مصدر ذكرها ــ فيما بين يدي من المصادر ـ: «مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه ت ٣٧٠ هـ» (ص ١٨٢) قال: حكاه أبو معاذ. ثم «الكشاف» للزمخشري، ومن جاء بعده نقله منه! قال الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) في «الكشاف» (٤/ ٨١٤): (فإن قلتَ: لم كناه، والتكنية تكرمة؟ قلتُ: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون مشتهرًا بالكنية دون الاسم، فقد يكون الرجل معروفا بأحدهما، ولذلك تجرى الكنية على الاسم، أو الاسم على الكنية عطف بيان، فلما أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له، ذكر الأشهر من علميه، ويؤيد ذلك قراءة مَن قرأ: يدا أبو لهب، كما قيل، علي بن أبو طالب، ومعاوية بن أبو سفيان، لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع، ولفليتة بن قاسم أمير مكة ابنان، أحدهما: عبدِالله - بالجرِّ ـ، والآخر: عبدَ الله - بالنصب ـ. كان بمكة رجل يقال له: عبد الله - بجرَّة الدال - لا يعرف إلا هكذا. والثاني: أنه كان اسمه عبد العزى، فعدل عنه إلى كنيته. والثالث: أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب، وافقت حاله كنيته، فكان جديرًا بأن يُذكر بها).

1 / 20