المجازات النبوية
محقق
تحقيق وشرح : طه محمد الزيتي
وطريق الأنساع. وحسن أن يقول عليه الصلاة والسلام: إنني آخذ بحجزكم عن النار، ومراده عن الأعمال المؤدية إلى دخول النار، لان السبب للشئ جار مجرى نفس الشئ. ومما يبين أن المراد ذلك إنهم لم يكونوا في حال سماعهم لهذا الخطاب متهافتين في النار وإنما كانوا في الأعمال التي يستحقون بها عذاب النار. ومما يشبه هذا الخبر ما روى من قوله عليه الصلاة والسلام: " يخرج من النار قوم بعد ما امتحشوا (1) وصاروا حمما (2) وفحما "، فمعنى هذا الكلام عندنا أنه يخرج من استحقاق النار بالتوبة قوم هذه صفتهم، وهذا على طريق المجاز، أي أنهم بأعمالهم المؤدية إلى دخول النار كمن أحرق بضرمها وصار من حممها، ومعنى امتحشوا: أحرقوا، المرجئة (3) يحملون هذا الخبر على ظاهره ولا يفزعون إلى تأويله.
ومعنى هلموا عن النار: أي ارجعوا إلى طاعة الله سبحانه التي هي الأمان من العذاب، وجانبوا معاصيه التي هي الطريق إلى العقاب ومعنى تغلبونني تقاحمون فيها أي أنني مع كثرة الزجر لكم والاعذار إليكم تنفلتون وتنازعون إلى المقبحات كما يتهافت الفراش في الشهاب،
صفحة ٨٢