ثم قمنا في الغد وسرنا في جبال عالية حتى أتينا على جزية عظيمة وفيها شجرة الكافور كل شجرة منها تظلل مائة رجل وأكثر. وهو أنهم يثقبون أعلى الشجرة فيسيل منها ماء الكافور ويملأ جرارًا عديدة. وبعد ذلك يظهر قطر الكافور كالصمغ ثم يبطل وتجف الشجرة. وفي هذه الجزيرة وحش يسمى الكركدن. وهو كرعايا البقر دون الفيل وأكبر من الجاموس ومأكوله نبات الأرض. وله قرن واحد في وسط رأسه طوله ذراع وعرضه قبضة وفيه صورة من أوله إلى آخره. فإذا انشق رأيت الصورة بياضًا في سواد يشبه صورة إنسان وبعض الحيوان. وذكروا أن هذا القرن يتخذ منه كل منطقة تساوي ألف دينار. وهذا الحيوان هو الكركدن يشك الفيل بقرنه يحمله على رأسه فيسيل دهنه على عيني الكركدن فيعميه ويبقى ملقى على الأرض. فيأتي الطير الذي هو الرخ ويأخذ الاثنين في مخالبه ويطير في الجو ويمضي يطعمهما فراخه. ورأيت في تلك الجزيرة عجائب كثيرة تحير العقل. ثم إني بعت من الألماس الذي معي وتعوضت شيئًا كثيرًا ومازلت أسير من جزيرة إلى جزيرة ومن بلاد إلى بلاد حتى وصلت إلى البصرة. ومنها إلى بغداد ودخلت داري ومعي من المال ما لا يوصف ولا يعد. فتصدقت وأعطيت الفقراء والمحتاجين. وبقيت على هذا الحال أقضي الأوقات بالهناء والمسرات. ونسيت ما لاقيت من المشقات.
1 / 156