المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري

شمس الدين محمد بن عمر بن أحمد السفيري الشافعي (المتوفى: 956هـ) ت. 956 هجري
71

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري

محقق

أحمد فتحي عبد الرحمن

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

الحديث
قال الكرماني (١) : فإن قلت: النيات جمع قلة كالأعمال، وهي للعشرة فما دونها، لكن المعنى: إن كل عمل إنما هو بنية سواء كان قليلًا أو كثيرًا. قلت: الفرق بالقلة والكثرة إنما هو في النكرات لا في المعارف. سؤال: فإن قيل: أهل النية أفضل من العمل أو العمل أفضل من النية؟ الجواب: قيل: العمل أفضل لأن نية الحسنة يثاب عليها حسنة واحدة، والفعل الحسن يثاب عليه عشرة، وما يثاب عليه عشرة أفضل مما يثاب عليه واحدة، ويدل على هذا قوله ﷺ: «من همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له سيئة» (٢) . واستشكل هذا بقوله ﷺ: «نية المؤمن خير من عمله» (٣) فإنه يدل على أن النية أفضل من العمل. وأجيب عنه بأجوبة منها: أن المراد بهذا الحديث أن النية وحدها خير من عمل بلا نية إذ لو كان المراد خير من عمله مع النية، يلزم أن يكون الشيء خيرًا من نفسه مع غيره، والقائل تفضيل العمل على النية مراده: العمل مع نيته أفضل من مجرد النية. وقيل: إن هذا الحديث ورد على سبب وهو أن شخصًا من المسلمين نوى بناء

(١) هو: محمد بن يوسف بن علي بن سعيد الكرماني ثم البغدادي شمس الدين، الإمام العلامة في التفسير والحديث والفقه، كانت ولادته في سنة سبع عشرة وسبعمائة في شهر جمادي الآخرة، من مصنفاته: شرح البخاري، وشرح المواقف، وشرح مختصر ابن الحاجب، وأنموذج الكشاف، وحاشية على تفسير البيضاوي إلى سورة يوسف، وكانت وفاته في طريق الحج في شهر محرم سنة ست وثمانين وسبعمائة، ثم نقل نعشه إلى بغداد ودفن في قرب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي. انظر: طبقات المفسرين (١/٢٩٨)، وشذرات الذهب (٣/٢٩٤)، وطبقات الشافعية (٣/١٨٠، ترجمة: ٧٠٧)، والنجوم الزاهرة (١١/٣٠٣) . (٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/٢٧٩، رقم ٢٥١٩) عن ابن عباس. ورواه ابن حبان في صحيحه (١٤/٤٥، رقم ٦١٧١) خلال قصة عن خريم بن فاتك الأسدي، وكذا الطبراني في المعجم الكبير (٤/٢٠٦، رقم ٤١٥٢) . (٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٦/١٨٥، رقم ٥٩٤٢)، والديلمي في مسند الفردوس (٤/٢٨٥، رقم ٦٨٤٢)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (٣/٢٥٥)، والخطيب في تاريخ بغداد (٩/٢٣٧) عن سهل بن سعد الساعدي. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/٦١): رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثقون إلا حاتم بن عباد بن دينار الجرشي لم أر من ذكر له ترجمة. ونقل المناوي في فيض القدير (٦/٢٩٢) كلام الهيثمي وزاد عليه فقال: وأطلق الحافظ العراقي أنه ضعيف من طريقه. وأخرجه القضاعي في مسند الشهاب (١/١١٩، رقم ١٤٨) عن النواس بن سمعان الكلابي، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (٤/٢١٩) .

1 / 115