ولا يستوى الآباء للضيف آنس ... كريم وزاو بين عينيه قاطب
لهم وجبة عند الدخيل إذا رمى ... به الليل في غبراء طلس الكواكب
فبلغ الشعر عوفًا وكان مفحما، فقال: اللهم إني لا أقول الشعر، وقد هجاني ظالمًا، فانصرني عليه. فلم ينم حتى قال الشعر، فقال:
على كل من حل اللوى لكروس ... من الناس حق في النزالة واجب
قال أبو العباس: وللنزالة
إذا ما غدا من أهله نحو ضيفه ... إلى الجيرة الأدنين لابد آيب
جرى على قرع الأساود وطؤه ... سميع برز الكلب والكلب ناضب
إذا أوقدت نار لوى جلد أنفه ... إليها ليستنشى ذرا كل حاطب
قال: يرويه يستنشى، ويستشرى جميعًا. قال: وأنشدني هذه القصيدة السدرى:
أتانا فلم نفرح بطلعة وجهه ... طروقًا وصلى كف أشعث ساغب
فقلنا: أمن قبر خرجت سكنته ... لك الويل أم أدمنت جحر الثعالب
فقال: أصابتني من العام لزبة ... وهنت فلم أنكر على أم صاحب
يرد على كفيه أخلاق شملة ... له جانب منها وللريح جانب
يحك كدوح القمل تحت لبانه ... ودفيه، منها داميات وجالب
فأبرز طاهينا له هجرية ... وفى كيلها بالقنقل المتراغب
وجئنا بشيزى من حميز نبيلة ... تداوى دخيل الجوع من كل ساغب
فلما وضعناها أمام لبانه ... تبسم عن مكروهة الثعل عاصب
كأن ضغيب المحض في حاويائه ... مع التمر أحيانًا ضغيب الأرانب
وقال ابن الأعرابي: يقال وضم بنو على بني فلان، وهم يريدون أن يضموا عليهم، أي يريدون أن يحلوا عليهم. وقال: الحي وضمة واحدة: متقاربة؛ فذلك الوضوم.
وقال: وقبيح بالقوم أن يتنكبوا عن عذرة الحي، ومحبس بهمهم، ومرتع عوائذهم. والعذرات: الأفنية والمجالس. والعوائذ: التي معها أولادها.
وقال: والهلائى أكثر من الوضمة، ويقال الوضيمة، وهم القوم ينزلون على القوم. وواحد الهلاثى هلثاة، مثل سلعاة وسلاعى. وتقول: أتينا هلثاة منهم، أي جماعة منهم؛ والهلاثى: الجماعات.
وتقول: نظرت إليه عرض عين، أي اعترضته على عيني. وتقول: ثكمت آثار القوم ثكمًا وأنا أثكمها، أي أقتصها. ويقال كثمت آثار القوم وأنا أكثمها كثمًا، يقول: اقتصصت آثارهم قصصًا. وتقول للرجل إذا بطن: إنه لأيهم أكثم. والأكثم: الشبعان. قال أبو العباس: ويقال أكتم بالتاء أيضًا، والمرأة كتماء. والأيهم: الأعمى؛ واليهماء: العمياء. ومن ثم قيل للأرض يهماء لا أثر فيها ولا جادة ولا علم. وقال: الجنن: الكفن. وأنشد قول الشاعر:
ما إن أبالي إذا ما مت ما صنعوا ... أأحسنوا جننى أم لم يجنوني
وأنشد: أسوق بالأعلاج سوقًا بائصا السوق البائص: السريع. وتقول، باصني القوم وهم يبوصونني بوصًا. وتقول: والله لا تبوصني بحقي، أي لا تفوتني.
وتقول: إني لزلز بمجلسي هذا. والزلز: الغرض.
وتقول للمرأة الرود والروؤد التي تدخل بيوت الحي، وهي الطوافة: توقري يا زلزة. وقال أبو رزمة:
ما عفر الليال كالدآدى ... ولا توالى الخيل كالهوادى
فأما عفر الليالي فإن العرب تسمى البيض عفرًا، وتسمى ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين: الدآدى، والواحدة دأداءة. وهوادى الخيل: أعناقها. وتواليها: مآخيرها. وتقول العرب: إنه لخبيث التوالي، وإنه لسريع التوالي. قال وتوالي الفرس: مآخيره، ذنبه ورجلاه. والتوالي: توالى الظعن، وهي آخرها. وتوالي الإبل: آخرها وهذا مثل قولهم: ليس قدامي النسر كالخوافي
1 / 18