الليل لما عسعس، والصبح حين تنفس، خرج سلطان ممالك الأفلاك من خيمته الأزرق،
5
وهربت منه جيوش حبوش الليل الغسق، ونزل عساكر أنواره على وجه الأرض، واستولى على جميع الممالك بالطول والعرض، أمر السلطان الأعظم، والخاقان المعظم، سليمان الزمان، إسكندر الدوران، وارث ملك يوسف الصديق، خليفة الحق
6
بالحق والتحقيق، أمير المؤمنين، وخليفة المسلمين، الملك الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري خلد الله تعالى ملكه وسلطانه، وأفاض على العالمين بره وإحسانه - رب كما جعلت شموس معدلته رافعة لظلام الظلم عن كافة الأنام في العالم، اجعل خيام بقائه مشيدة بأوتاد الأبد، وأطناب الدوام المؤبد، بجاه محمد، يا واحد يا أحد - أمر
7
بضرب خيمته الزرقاء، على فرش مسطح الغبراء، التي كان الفلك الأطلس يتمنى أن يكون من سقوف قبابها، وترتجي النجوم والكواكب أن تكون من مسامير أبوابها، ما كانت الكواكب في تلك الليلة ظاهرة، بل كانت عيون الملائكة من الملأ الأعلى لأجل تفرجها ناظرة، وبواسطة هذه الخيمة السلطانية صارت السموات السبع ثمانية، وكأن أشارت سماء الدنيا بأنملة الأهلة إلى الملك، وقالت: هل رأيتم مثل هذا الفلك؟ والشمس والقمر يدوران حولها ويرميان روحهما من المنافذ حتى يتفرجا المجلس العالي، وفلك القمر فتح أعين الكواكب الثواقب، حتى ينظر وجوه الأكابر والأهالي.
ثم سلطان الحرمين الشريفين، في يوم الاثنين، عمل مولد سيد الكونين، ورسول الثقلين، وسلطان قاب قوسين.
وكان هذا اليوم مصداق:
ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ؛ لأنه يوم معراجه
صفحة غير معروفة