168

مجالس السلطان الغوري: صفحات من تاريخ مصر في القرن العاشر الهجري

تصانيف

وجمعت شيئا يسيرا وفات مني شيء كثير؛ لأن جنابه العالي مرجع للأفاضل، وبابه العظيم مجمع الفضائل والفواضل.

هذا مع ما خصه الله تعالى من الفضائل النفيسة، والمناقب الشريفة اللطيفة؛ أعطاه من العلم أشرفه، ومن الحلم أوفره، ومن الرتب أعلاه، ومن الملك أقواه، ولهذا ارتقى سلطاننا إلى المقام العالي، الذي كان نهاية درجات الأفاضل والأهالي.

وفضل هذا السلطان على سلاطين الدنيا كفضل السلاطين على الرعايا.

فجمعت من بحار فوائده قطرة، ومن شموس محاسنه ذرة، لم أقدر أن أجمع إلا واحدا من ألف، بل من مائة ألف؛ لأني كنت فقير الحال، متزلزل الأحوال، مكسور الخاطر، من الأول إلى الآخر، وقد انضم مع هذا ضعف الجسد، وكثرة أهل الحسد، وقلة ما في اليد.

فجمعت بقدر طاقتي، وبحسب فقري وفاقتي، من مشكلات تفسير كلام الله، ومعضلات أحاديث رسول الله، وألغاز المسائل الفقهية، وأسرار العلوم العربية.

فجمعت من المسائل المشكلة، ألفي مسألة، وسميته: بالكوكب الدري، في مسائل الغوري.

ونرجو من مكارم الأخلاق والشيم، ونلتمس من علماء العالم، أنهم إن يطلعوا على سهو أو خطأ أو نسيان، الذي هو لازم لبني نوع الإنسان، أن يغمضوا العين، ويستروه من البين، وأن يكونوا ساترا للمعايب، لا مظهرا للمثالب؛ لأن أشرف الكلام بعد كلام الملك العلام، الحديث الشريف، ومع هذا لم يسلم من الموضوع والضعيف، مع وجود الصحابة الكرام.

وها أنا أشرع في المقصود، مستمدا بتوفيق الملك المعبود.

1

سؤال:

صفحة غير معروفة