مجالس رمضان - ابن عثيمين
الناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
وَمَنْ لا يُوْثَقُ بخبره بِكونِهِ مَعْروفًا بالكَذبِ أوْ بالتَّسَرُّعِ أوْ كان ضعيفَ البَصرِ بحيثُ لا يُمْكنُ أنْ يراه فلا يَثْبُتُ الشهرُ بشهادتِهِ للشَكِّ في صدقِه أوْ رجَحانِ كَذِبهِ، وَيثْبُتُ دخولُ شهْرِ رمضان خاصَة بشهادةِ رجلٍ واحد لقول ابن عُمر ﵄: «تَرَاءَى الناسُ الهلالَ فأخْبرتُ النبي ﷺ أنِّي رأيتُهُ فصامَ وأمَرَ الناسَ بصيامِهِ»، رواه أبُو داودَ والحاكمُ وقال: على شرطِ مسلمٍ. ومَنْ رَآهُ مُتَيَقِّنًا رُؤْيَته وجَبَ عليه إخبارُ وُلاَةِ الأمُورِ بذلك، وكَذلِكَ من رأى هلالَ شَوَّالٍ وذِي الحِجَّة لأنَّه يَتَرَتَّبُ على ذلك واجبُ الصومِ والفطر والحج - وما لا يتم الواجبُ إلاَّ به فهو واجب - وإن رآه وحدَه في مكانٍ بعيدٍ لا يمكنه إخبارُ ولاةِ الأمورِ فإنه يصوُم ويَسْعَى في إيصالِ الخبرِ إلى ولاةِ الأمورِ بقَدْرِ ما يَستطيعُ.
وإذا أُعلنَ ثبوتُ الشهرِ من قِبَلِ الحكومةِ بالرَّاديو أو غيرهِ وجَبَ العملُ بذلك في دخولِ الشَّهْرِ وخروجه في رمضانَ أوْ غيرهِ؛ لأنَّ إعلانَه مِن قِبَل الحكومةِ حُجَّةٌ شرعيَّةٌ يجبُ العملُ بها. ولذلك أمر النبي ﷺ بلالًا أنْ يؤذِّنَ في الناسِ مُعلنًا ثبوتَ الشهرِ ليصُوموا حينَ ثَبَتَ عنده ﷺ دخولُهُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ الإِعْلامَ مُلزِمًا لهم بالصيامِ.
وإذا ثَبتَ دخولُ الشهر ثبوتًا شرْعيًَّا فَلاَ عِبْرةَ بمنازل القمر؛ لأنَّ النبي ﷺ علَّقَ الحكْم برؤيةِ الهلالِ لا بمنَازلِهِ، فقالَ ﷺ: «إِذَا رَأيتُمُ الهلالَ فصُوموا وإِذَا رَأَيْتُمُوه فأفْطِروا»، متفق عليه. وقال ﷺ: «إن شَهِدَ شاهدان مُسْلمانِ فصومُوا وأفْطُروا»، رواه أحمد (١).
_________
(١) إسناده لا بأس به على اختلاف فيه وله شاهد عند أبي داود والدارقطني وقال: هذا إسناده متصل صحيح.
1 / 22