المحاسن والأضداد

الجاحظ ت. 255 هجري
86

المحاسن والأضداد

الناشر

دار ومكتبة الهلال

مكان النشر

بيروت

كشحا. وأبى أن يعطيه شيئًا فانتضى نجيح سيفًا، فجعل يضربه حتى برد فلما وقع قتيلًا تحول الرجل الحافظ للمال سعلاة، فأسرع في أكل سعد وعاد المال إلى مكانه فلما رأى نجيح ذلك ولى هاربًا إلى قومه. قيل: وكان أبو عبس بخيلًا وكان إذا وضع الدرهم في يده نقره بإصبعه ثم يقول: كم من مدينة قد دخلتها، ويد قد وقعت فيها الآن، الآن استقر بك القرار واطمأنت بك الدار، ثم يرمي به في صندوقه فيكون آخر العهد به. قيل: ونظر سليمان بن مزاحم إلى درهم فقال في شق: لا إله إلا الله، وفي شق: محمد رسول الله، ما ينبغي أن تكون إلا معاذة، وقذفه في صندوقه. وذكروا أنه كان بالري عامل على الخراج يقال له المسيب فأتاه شاعر يمتدحه فلم يعطه شيئًا ثم سعل سعلة فضرط، فقال الشاعر: أتيت المسيب في حاجة ... فما زال يسعل حتى ضرط فقال: غلطنا حساب الخراج ... فقلت من الضرط جاء الغلط فما زالوا يقولون ذلك حتى هرب منها من غير عزل. قال: وكتب ارسطاطاليس «١» إلى رجل بشيء فلم يفعل فكتب إليه: إن كنت أردت فلم تقدر فمعذور، وإن كنت قدرت ولم ترد، فسيأتيك يوم تريد فيه فلا تقدر. قال: وسمع أبو الأسود الدؤلي رجلًا يقول: من يعشي الجائع؟ فعشاه ثم قام الرجل ليخرج فقال: هيهات تخرج فتؤذي الناس كما آذيتني، ووضع رجله في الأدهم حتى أصبح. قال: وكان رجل يأتي ابن المقفع فيلح عليه ويسأله أن يتغدى عنده ويقول: لعلك تظن أني أتكلف لك شيئًا والله لا أقدم لك إلا ما عندي، فلما أتاه لم يجد في بيته إلّا سكرا يابسة وملح جريش. وجاء سائل إلى الباب فقال له: وسع الله

1 / 97