قيل: «وكان النابغة يشبب بالمتجردة امرأة النعمان بن المنذر»، وكانت أكمل أهل عصرها جمالًا، فبلغ ذلك النعمان، فهم بقتل النابغة فهرب منه، وسار حتى أتى الشام، والملك بها جبلة بن الأيهم الغساني، فنزل عليه وأقام عنده، وكتب إلى النعمان:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبةً ... وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن كنت قد بلغت عني خيانة ... لمبلغك الواشي أغش وأكذب
قيل: وكانت امرأة شداد أبي عنترة ذكرت له أن عنترة أرادها عن نفسها، فأخذه أبوه فضربه ضرب التلف، فقامت المرأة فألقت نفسها عليه لما رأت ما به من الجراحات، وبكته، وكان اسمها سمية، فقال عنترة:
أمن سمية دمع العين مذروف ... لو كان ذا منك قبل اليوم معروف
كأنها يوم صدت ما تكلمنا ... ظبيٌ بعسفان ساجي العين مطروف
قامت تجللني لما هوى قبلي ... كأنها صنمٌ يعتاد معكوف
المال مالكم والعبد عبدكم ... فهل عذابك عني اليوم مصروف
قيل: ولما أنشد عبد الحسحاس عمر بن الخطاب، ﵁، قصيدته التي يقول فيها:
توسدني كفًا وتمضي بمعصمٍ ... علي وتنحو رجلها من ورائيا
فما زال بردي طيبًا من ثيابها ... إلى الحول حتى أنهج البرد باليا
وهبت لنا ريح الشمال بقوةٍ ... ولا برد إلا درعها وردائيا
أميل بها ميل الرديف وأتقي ... بها الريح والشفان من عن شماليا
رأت قتبًا رثًا وأخلاق شملةٍ ... وأسود مما يلبس الناس عاريا
تجمعن شتى من ثلاثٍ وأربع ... وواحدةٍ حتى كملن ثمانيا
سليمى وسلمى والرباب وتربها ... وأروى وريا والمنى وقطاميا
وأقبلن من أقصى البلاد يعدنني ... ألا إنما بعض العوائد دائيا
1 / 262