المحاسن والأضداد

الجاحظ ت. 255 هجري
134

المحاسن والأضداد

الناشر

دار ومكتبة الهلال

مكان النشر

بيروت

حلمًا»، قال يزيد: «كم تعد لها»؟ قال: «كانت تعد على عهد رسول الله ﷺ أربعمائة عام، وهي من بقية الكرام»، فلما كان من الغد أتاها معاوية فسلم عليها فقالت: «على المؤمنين السلام، وعلى الكافرين الهوان والملام»، ثم قالت: «أفيكم عمرو بن العاص» ! قال عمرو: «ها أناذا»، قالت: «أنت تسب قريشًا وبني هاشم، وأنت أهل السب، وفيك السب، وإليك يعود السب؛ يا عمرو إني والله عارفه بك وبعيوبك، وعيوب أمك، وإني اذكر ذلك: ولدت من أمة سوداء، مجنونة حمقاء، تبول من قيامها، وتعلوها اللئام، وإذا لامسها الفحل فكان نطفتها أنفذ من نطفته، ركبها في يوم واحد أربعون رجلًا، وأما أنت فقد رأيتك غاويًا غير مرشد، ومفسدًا غير مصلح، والله لقد رأيت فحل زوجتك على فراشك، فما غرت ولا أنكرت، وأما أنت يا معاوية فما كنت في خير، ولا ربيت في نعمة، فما لك ولبني هاشم؟ نساؤك كنسائهم؟ أم أعطى أمية في الجاهلية والإسلام ما أعطى هاشم؟ وكفى فخرا برسول الله»، فقال معاوية: «أيتها الكبيرة أنا كاف عن بني هاشم»، قالت: «فإني أكتب عليك كتابًا فقد كان رسول الله ﷺ دعا ربه أن يستجيب لي خمس دعوات، أفأجعل تلك الدعوات كلها فيك»؟ فخاف معاوية فحلف لا يسب بني هاشم أبدًا، فهذا ما كان بين معاوية وبين هاشم من المفاخرة. قال: وكان علي بن عبد الله بن عباس عند عبد الملك بن مروان، فاخذ عبد الملك يذكر أيام بني أمية، فبينا هو على ذلك، نادى المنادي بالآذان، فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله»، فقال علي: هذي المكارم لا قعبان من لبن ... شيبًا بماء، فعادا بعد أبوالا فقال عبد الملك: الحق في هذا أبين من أن يكابر. قال علي بن محمد النديم: دخلت على المتوكل وعنده الرضي فقال: «يا علي من أشعر الناس في زماننا»؟ قلت: «البحتري»، قال:

1 / 147