273

على الآخر فهما صنفان وهذا التفصيل في الإيمان هو كذلك في لفظ البر ، والتقوى ، والمعروف. وفي الإثم ، والعدوان ، والمنكر. تختلف دلالتها في الإفراد والاقتران لمن تدبر القرآن.

وقد بين حديث جبريل أن الإيمان أصله في القلب ، وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله كما في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «الإسلام علانية والإيمان في القلب» (1).

وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ، ألا وهي القلب» (2).

فإذا كان الإيمان في القلب ، فقد صلح القلب. فيجب أن يصلح سائر الجسد ، فلذلك هو ثمرة ما في القلب. فلهذا قال بعضهم : الأعمال ثمرة الإيمان. وصحته ، لما كانت لازمة لصلاح القلب ، دخلت في الاسم. كما نطق بذلك الكتاب والسنة في غير موضع ، هذا ما أفاده الإمام ابن تيمية رحمه الله .

وقوله تعالى : ( أن لهم جنات ) جمع (جنة): وهي البستان من النخل والشجر المتكاثف المظلل بالتفاف أغصانه. وإنما سميت «دار الثواب» بها مع أن فيها ما لا يوصف من الغرفات والقصور ، لما أنها مناط نعيمها ، ومعظم ملاذها. وجمعها مع التنكير : لاشتمالها على جنان كثيرة في كل منها مراتب ودرجات متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال وأصحابها. وقوله ( تجري من تحتها الأنهار ) صفة جنات ، ثم إن أريد بها الأشجار ، فجريان الأنهار من تحتها ظاهر ، وإن أريد بها الأرض المشتملة عليها ، فلا بد من تقدير مضاف أي من تحت أشجارها وإن أريد بها مجموع الأرض والأشجار ، فاعتبار التحتية بالنظر إلى الجزء الظاهر المصحح لإطلاق اسم الجنة على

صفحة ٢٧٦