المحبة لله سبحانه
محقق
الدكتور عادل بن عبد الشكور الزرقي
الناشر
دار الحضارة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الحديث
٢٤٨ - حدثني محمد بن منصور بن داود الطوسي ثنا عبد الله بن عيسى البصري عن أبيه عن مسمع بن عاصم عن ثور بن يزيد الشامي قال: نظر الله تعالى إلى داود ﵇، فإذا هو وحداني منتبذ. فقال: مالك وحدانيًا؟ قال: عاديت الخلق فيك. قال: أو ما علمت أن محبتي أن تعطف على عبادي وتأخذ عليهم بالفضل؟ هنالك أكتبك من أوليائي. يا داود ومن أحبائي فإذا كنت كذلك كتبتك في ديوان أهل المحبة وكنت مني وكنت منك، أجيبك من غير أن تسألني، وأباهي بك حملة عرشي، أرفع الحجب بيني وبينك تنظر إلي ببصر قلبك، لا أحجبك ما دمت متمسكًا بطاعتي وكنت مني وكنت منك. ولا تنظر إلى عبادي نظرة جفاء ولا قسوة فأهلكهم، فإذا أنت قد بطل أجرك. احفظ عني كلمات ثلاث خصال:
(١) خالص حبيبي مخالصة.
⦗١٠٧⦘
(٢) وخالط أهل الدنيا مخالقة.
(٣) ودينك قلدنيه لا تقد دينك الرجال.
أما ما استبان لك مما وافق محبتي فتمسك به، وما أشكل عليك قلدنيه، حقًا علي أن ألي سياستك وتقويمك، وأن أكون قائدك ودليلك، ألبيك من غير مسألة، أعينك في الشدائد. فإني قد جعلت على نفسي أن لا أثيب عبدًا من عبادي إلا عبدًا قد عرفت من طلبته وإرادته، وإلقاء كنفه بين يدي أنه لا غنى به عني. فإذا كنت كذلك نزعت الذل والوحشة من قلبك. ولذلك علمٌ سلني عنه. أسكن الغنى قلبك فتكون في الدنيا غنيًا حينئذ عرفت حالك. لا تطمئن إلى معرفتك بنفسك، فإني قد جعلت على نفسي: لا يطمئن رجل إلى معرفته بنفسه إلا وكلته إليها. أضف الأشياء إلي فإني أنا مننت بها عليك. أقر لي بالعبودية أمنحك ثواب العبودية، وما ثواب العبودية [إلا] محبتي. تواضع لمن تعلمه ولا تطاول المريدين أحمال الأقوياء. عبدي، أنا مننت عليهم الضعفاء المساكين المريدين. فلو يعلم أهل محبتي ما منزلة المريدين عندي لكانوا للمريدين أرضًا يمشون عليها وللحسوا أقدامهم. إن تخرج على منك عبدًا من عبيدي حتى تستنقذه من سكرة ما هو فيه أسميك جهبذًا، ومن كان جهبذًا لم تكن به فاقة ولا وحشة إلى ⦗١٠٨⦘ أحد من خلقي، يا داود تمسك بكلامي أن لا أهلكك مع الهالكين، فدونك فخذ من نفسك لنفسك لا تؤتين منها أحجب محبتي عنك إلا أن تحجبها، احفظ وصيتي ولا تؤيس عبادي من رحمتي.
1 / 106