المغانم المطابة في معالم طابة
الناشر
مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
تصانيف
الأعلى للعالي، فكيف بزيارةِ الأدنى للأعلى؟.
فإن قيل: إنما جاء لطلب العلم.
قلنا: الجوابُ عنه ظاهرٌ لأرباب العرفانِ والعلومِ، وإن كان فيه غموضٌ على أذهان العميانِ من العموم، ورويَ عن بعض العلماء أنه قال: ما عِلْمُ الخَضِرِ في عِلْمِ موسى إلا كعِلْمِ الهُدْهُدِ في علمِ سليمان، إذ قال: ﴿أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ (^١).
لا يقالُ: رُبَّما كان مشروعًا في المِلَّةِ المُوسَويَّةِ ليس غير؛ لأنا نقول: شَرْعُ مَنْ قَبْلنَا شرعٌ لنا حتى يَدُلَّ دليلٌ على خلافه (^٢)، قال تعالى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ (^٣).
فهذه الآياتُ من أجَلِّ البراهينِ وأوضحِ الحُجَجِ، على إثبات ما نحن بصددهِ من استحبابِ قطعِ المسافاتِ إلى زيارةِ العلماءِ، والصلحاءِ، وأهلِ الخيرِ من الكُمَّلِ الكُبَراءِ (^٤).
وقد جاء في التفسير أن الخَضِر ﵇ كان ببلادِ الأندلسِ، وموسى ﵇ بِمصْرَ، (^٥) فانظر إلى هذه المسافةِ العظيمةِ التي سلكها في طلب لُقِيِّ عَبْدٍ صَالِحٍ!.
(^١) سورة النمل آية رقم:٢٢. (^٢) انظر الأقوال في هذه المسألة في كتاب الأصول للسرخسي ٢/ ٩٩. (^٣) سورة الأنعام آية رقم:٩٠. (^٤) هذا حق في الأحياء لاشبهة فيه، وأما شد الرحال لقبور العلماء أو قبور الصالحين أو قبور الأنبياء فهو منهي عنه كما مضى قريبًا في الحاشية. (^٥) ليس هناك دليل صحيح على تحديد هذا المكان، ولذلك اختلفت الآراء فيه على عدة أقوال، دون أن يكون لواحد منها مستند يعول عليه، انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١١/ ٩).
1 / 99