313

المغانم المطابة في معالم طابة

الناشر

مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

تصانيف

يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ (^١).
والعَوَاصِمُ: حُصُونٌ مَوانِعٌ وَوِلايات تُحِيطُ بِها بَيْنَ حلب وأنطاكِية بناها قَوْمٌ واعتَصَمُوا بِها مِنَ الأعْدَاءِ، وأكْثَرُها في الجبالِ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ.
وقيل: أَفْرَدَ الرَّشِيدُ تِلْكَ الأماكِنِ وسَمَّاها بالعَوَاصِمِ؛ لأنَّ المُسْلِمينِ كانوا يَعْتَصمُونَ بِها فتَعْصِمُهُم وتَمْنَعُهُم مِنَ العَدُوِّ، إذا (^٢) انْصرَفوا مِنْ غزْوهم وخرجوا مِنَ الثُّغُورِ (^٣). فَسُمِّيَتْ المَدِينَةُ أيضًا عاصِمَةً لهذا المَعْنَى. ويُحْتَمَلُ أنْ تكونَ عاصِمَة بِمَعْنَى مَعْصُومَة كَـ (عِيشَةٍ راضِيَةٍ)، بِمَعْنَى مَرْضِيِّة، و(مَاءٍ دافِقٍ) بِمَعْنَى مَدْفُوقٍ.
فَسُمِّيَتْ عاصِمَة لأن الله تعالى عَصَمَها بِمُوسى وداود عَلَيْهما الصَّلاة والسَّلام، وبِجُيُوشِهِما التي وجَّهُوها إليها، وَحَماها وصانَها بِهم عن الكُّفَارِ والجَبَّارِين ومَنْ قَصَدَ كَيْدَها، كما أَسْلَفْنَا في البَابِ الثَّاني في تارِيخ المَدِينَة الشَّرِيَفةِ. أو لأنَّها مَعْصومَةٌ مَحْفُوظَةٌ بالحُرْمَةِ التي شرَّفها الله ﷿ بِها بدَعْوَةِ نَبِيِّه ﷺ، فلا يُعْضَدُ شَجَرُها، ولا يُخْبَطُ ثَمَرُها، ولا يُخْتَلى خلاها، ولا يُقْطَعُ كَلاها، ولا يُصَادُ صَيْدُها، بَلْ يُسْلَبُ صائِدُها، ولا تُذْعَرُ أَوابِدُها، وعَصَمَها الله وبالغ في عِصْمَتِها حَتَّى لم يَدَعْ فيها خبثًا، ولعَنَ بأتَمِّ اللعائِنِ مَنْ أَحْدَثَ فيها حَدَثًا، أَو آوَى فيها مُحْدِثًا.
وببلادِ هُذَيْلٍ مَوْضِعٌ مَنيعٌ يُدْعى عاصِمًا (^٤)؛ لِتَحَصُّنِهِ وتَمَنُّعِهِ، وفيه يَقُولُ

(^١) سورة (المائدة) آية: ٦٧.
(^٢) في الأصل: (وإذا)، ولعل الصّواب بإسقاط الواو، كما أثبتنا ليستقيم المعنى.
(^٣) معجم البلدان ٤/ ١٦٥.
(^٤) يقول ياقوت: وهو اسم موضعٍ أظنه في بلاد هذيل. معجم البلدان ٤/ ٦٧.

1 / 314