وفي سنة (٨٠٥ هـ) حج مرة أخرى، ومكث بعد إنهاء حجه، بين مكة والطائف، حتى وافاه حج سنة (٨٠٦ هـ) فحج من الطائف، ثم توجه إلى المدينة، ثم عاد إلى اليمن مارًا بمكة، آخذًا في طريقه طريق السراة، وأقام " بالحلف" و" الحليف" (^١) تسعة أشهر، واصل بعدها سفره إلى "زبيد".
واستقر به- هذه المرة- المقام في اليمن، يرى مرة في زبيد، وتارة في تعز، حيث فوّض التدريس في بعض المدارس فيها كالمدرسة المؤيدية والمدرسة المجاهدية وغير ذلك.
ورغم كثرة أسفاره، ظل محتفظًا بمنصب رئيس قضاة اليمن، حتى لقد كانت الكتب والرسائل توقّع بتوقيعه نيابة عنه، وكان ينوب عنه في القضاء القاضي جمال الدين محمد بن أحمد المقري (^٢)، في أوائل دولة الناصر.
" وكانت مدة ولايته قضاء القضاة باليمن عن الملك الأشرف إسماعيل ابن الأفضل وعن ولده الملك الناصر عشرين سنة" (^٣).
وأكرمه السلطان الأشرف وابنه السلطان الناصر، لعلمه، وفضله، حتى إنه صنّف للأشرف كتابًا، وأهداه له، على أطباق، فملأها له دراهم، وصنّف للناصر كتابي " تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول" و" الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد" في أربعة أسفار (^٤).
هذا ماذكره ابن حجر، على حين يذكر الخزرجي في " العقود اللؤلؤية": " أن المجد أفرغ كتابه المسمى بـ " الإصعاد" في اليوم الخامس عشر من شعبان سنة (٨٠٠ هـ) وحمل إلى باب السلطان مرفوعًا بالطبول والمغاني، وحضر سائر الفقهاء
_________
(^١) لم أجد تحديدًا لهذا الموضع، والله أعلم.
(^٢) لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من مراجع، والله أعلم.
(^٣) ري الصادي ص ١٨ ..
(^٤) إنباء الغمر ٣/ ٤٨.
1 / 18