-ز-
تقديم
أولى العلماء المسلمون تاريخ المدن عناية فائقة، فقد ألفوا عن المدن والبلاد الإسلامية مؤلفات عديدة، وحظيت بلاد الحرمين مكة والمدينة بأكبر قدر من هذه المؤلفات في تراثنا الإسلامي، وللمدينة المنورة منزلة كبيرة في نفوس المسلمين عمومًا، فهي التي هاجر إليها الرسول ﷺ، وأقام فيها هو وأصحابه، ودفن في ثراها الطاهر، وفيها مسجده الذي تشد إليه الرحال، وأصبحت في عهده ﷺ عاصمة الإسلام الأولى، ومنطلق أعماله ﷺ -في الدعوة والجهاد، ومهوى أفئدة المتطلعين إلى الرسول ﷺ، لمعرفة سننه وتوجيهاته، والاقتداء به، ولا غرو إذًا أن تكون مناط اهتمام العلماء والمؤرخين، حيث حرصوا على تدوين تاريخها، والتعرف على كل معلم من معالمها، فكثرت المؤلفات والبحوث والدراسات حولها قديمة وحديثة ومنها كتاب (المغانم المطابة في معالم طابة) لعالم جليل يعد من أشهر علماء القرنين الثامن والتاسع الهجري، وهو محمد بن يعقوب الفيروزابادي الشيرازي الشافعي اللغوي المشهور صاحب القاموس المحيط، له عناية بالحديث والفقه، والتفسير والتاريخ، إلى جانب عنايته الفائقة باللغة العربية وعلومها، ترك مايزيد على خمسين كتابا في هذه الفنون والعلوم، ويعد كتابه هذا من المصادر القيمة في تاريخ المدينة، وتأتي أهميته من أنه أوسع مصدر لتاريخ المدينة قبل جهود السمهودي، إلى جانب اعتماده على مؤلفات قيمة فقد بعضها مثل: تاريخ المدينة للزبير بن بكار الذي لم يقف عليه السمهودي، وتاريخ المدينة لابن زبالة، وأخبار مكة والمدينة لرزين العبدري وغيرها، ولم يغفل المؤلف توجيه النقد لما يجده مجالا للنقد عند بعض المؤلفين حينًا، وحينًا آخر يستدرك مافات
-ح- بعضهم كما فعل مع ياقوت الحموي فيما يتصل بالمواضع والأماكن في المدينة، وعلى الرغم من أهمية هذا الكتاب إلا أنه بقي زمنا طويلا وهو يعيش طي الكتمان إلى أن قيض الله له شيخنا العلامة حمد الجاسر ﵀ حيث وقف على مخطوطته، وعرف به وتحدث عنه، وحقق الباب الخامس منه الذي يتعلق بأماكن المدينة ومساكنها، ويمثل ما يقرب من ثلث الكتاب، وصدر عن دار اليمامة في طبعته الأولى عام ١٣٨٩ هـ - ١٩٦٩ م، وبقيت الأبواب التي تتعلق بتاريخ المدينة وتراجم أعلامها دون تحقيق أو نشر، وتتطلع إلى من يتولى تحقيقه، ونشره، وكم كنت أود لو تسني لي تحقيق الكتاب بعد أن عرفت قيمته وأهميته من خلال مخطوطته وما نشر منه، غير أن المشاغل والأعباء العلمية التي تلازمني وتحيط بي لم تتح لي هذه الفرصة، فالكتاب في أصله المخطوط كبير إذ يقع في (٢٧٣) ونصف ورقة أو (٥٤٧) صفحة، ويحتاج إلى جهد كبير لتحرير نصه، وتوثيقه، والتعليق عليه، وقد يسر الله ذلك لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، حيث تم اقتراح تحقيقه من قبل المجلس العلمي للمركز، ووافق على ذلك مجلس الإدارة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، ثم تابع الأمر بعد ذلك صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ومن ثم شرع المجلس العلمي للمركز في وضع الخطة العلمية المناسبة لتحقيق الكتاب، واقترح عددا من المحققين من ذوي الخبرة والدراية للقيام بتحقيقه، وتابع المركز عمله في الإشراف على تحقيق الكتاب حتى تم إنجازه على أسس علمية تتناسب مع قيمة الكتاب وأهميته، وتبرزه في ثوب علمي قشيب لتتحق الفائدة المرجوة منه، وحينما عزم المركز على طباعته وترامي خبره إلى الرجل المفضال السيد حبيب محمود أحمد، حرص - جزاه الله خيرًا - على أن يتولى طباعته على نفقته الخاصة، ويجعله
-ح- بعضهم كما فعل مع ياقوت الحموي فيما يتصل بالمواضع والأماكن في المدينة، وعلى الرغم من أهمية هذا الكتاب إلا أنه بقي زمنا طويلا وهو يعيش طي الكتمان إلى أن قيض الله له شيخنا العلامة حمد الجاسر ﵀ حيث وقف على مخطوطته، وعرف به وتحدث عنه، وحقق الباب الخامس منه الذي يتعلق بأماكن المدينة ومساكنها، ويمثل ما يقرب من ثلث الكتاب، وصدر عن دار اليمامة في طبعته الأولى عام ١٣٨٩ هـ - ١٩٦٩ م، وبقيت الأبواب التي تتعلق بتاريخ المدينة وتراجم أعلامها دون تحقيق أو نشر، وتتطلع إلى من يتولى تحقيقه، ونشره، وكم كنت أود لو تسني لي تحقيق الكتاب بعد أن عرفت قيمته وأهميته من خلال مخطوطته وما نشر منه، غير أن المشاغل والأعباء العلمية التي تلازمني وتحيط بي لم تتح لي هذه الفرصة، فالكتاب في أصله المخطوط كبير إذ يقع في (٢٧٣) ونصف ورقة أو (٥٤٧) صفحة، ويحتاج إلى جهد كبير لتحرير نصه، وتوثيقه، والتعليق عليه، وقد يسر الله ذلك لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، حيث تم اقتراح تحقيقه من قبل المجلس العلمي للمركز، ووافق على ذلك مجلس الإدارة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، ثم تابع الأمر بعد ذلك صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، ومن ثم شرع المجلس العلمي للمركز في وضع الخطة العلمية المناسبة لتحقيق الكتاب، واقترح عددا من المحققين من ذوي الخبرة والدراية للقيام بتحقيقه، وتابع المركز عمله في الإشراف على تحقيق الكتاب حتى تم إنجازه على أسس علمية تتناسب مع قيمة الكتاب وأهميته، وتبرزه في ثوب علمي قشيب لتتحق الفائدة المرجوة منه، وحينما عزم المركز على طباعته وترامي خبره إلى الرجل المفضال السيد حبيب محمود أحمد، حرص - جزاه الله خيرًا - على أن يتولى طباعته على نفقته الخاصة، ويجعله
المقدمة / 8