ثم يعود إلى مكة قاصدًا اليمن، وفي طريقه إليها يصله نعي الأشرف إسماعيل، ويستمر مع الناصر - بعد أبيه- كما كان مع أبيه، ويقيم في اليمن حتى السنة الخامسة بعد الثمانمائة، وفيها يستأذن للسفر إلى مكة، فيدخلها في رمضان، ويسافر في بقيتها إلى الطائف قبل الحج. ويحج هذه السنة ويقضي السنة السادسة بين مكة والطائف، ويحج تلك السنة- أيضًا- ثم يسافر إلى المدينة مع الحاج لتقرير ماكان اشتراه بها، فإنه نوزع فيه، ثم يمم وجهته لليمن مارًا بمكة (^١).
وتشاء إرادة الله أن تكون هذه الزيارة خاتمة زياراته لبيت الله الحرام، ويدهمه المنون - وهو على أحرّ من الجمر شوقًا إلى مكة، وتطلعًا إلى بيته الحرام، فقد كان يتمنى أن يموت بمكة، كما سبق بيان ذلك (^٢).
ومن خلال ماتقدم نستطيع أن نتبين أنه أقام عدة سنوات في جوار بيت الله، مقتديًا في ذلك ببعض علماء اللغة الذين سبقوه إلى هذا العمل، مثل جار الله الزمخشري (٤٦٧ - ٥٣٨ هـ)، والحسن بن محمد الصغاني (٥٧٧ - ٦٥٠ هـ).
وكان يحبُّ الانتساب إلى مكة، ويكتب عن نفسه: الملتجئ إلى حرم الله - تعالى - مقتديًا بالرضي الصغاني (^٣).
وخلال إقامته المتقطعة في مكة أخذ عن مشايخها، ومن أشهر من أخذ عنه:
١) بكر بن خليل المالكي (^٤).
٢) خليل بن عبدالرحمن بن محمد القسطلاني المكي المالكي، إمام المالكية بالحرم الشريف (٦٨٨ - ٧٦٠ هـ) (^٥).
_________
(^١) ري الصادي ص ١٥.
(^٢) ري الصادي ص ٢٨.
(^٣) العقد الثمين ٢/ ٣٩٩. وانظر الورقة الأخيرة من كتابه " الغرر المثلثة" فقد قال فيه: " … وأنا الفقير الحقير الملتجئ إلى حرم الله العظيم … ".
(^٤) تاج العروس ص ١٣.
(^٥) ترجمته في العقد ٤/ ٣٢٤ - ٣٢٨، وانظر في سماعه العقد ٢/ ٣٩٣، والضوء ١٠/ ٨٠.
1 / 15