مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
أخبرتكم أن خيلًا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟»، قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» (١).
وفي حديث أبي سفيان مع هرقل حينما سأله عن أحوال النبي ﷺ وسلوكه، قال هرقل: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان: قلت: لا ... ثم قال: ماذا يأمركم به؟ قال أبو سفيان: قلت: يقول: «اعبدوا اللَّه وحده، ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة ...» ثم قال هرقل لأبي سفيان في نهاية الحديث: فإن كان ما تقول حقًا، فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه» (٢).
فهذا الرسول الكريم هو قدوة الداعية، وإمامه الذي يسير على هديه، ويلتزم أخلاقه، وسلوكه، فقد كان ﷺ حسن السيرة والسلوك الحكيم في حياته كلها، ولم يتهم بشيء مما كان يعمله قومه، فقد نشأ ﷺ في مجتمع كثرت فيه المفاسد، وعمت فيه الرذائل: فالبغاء،
_________
(١) البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، سورة تبت، باب حدثنا يوسف، ٨/ ٧٣٧، (رقم ٤٩٧١)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾، ١/ ١٩٤، (رقم ٢٠٨).
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب بدء الوحي، باب حدثنا أبو اليمان، ١/ ٣٢، (رقم ٧).
1 / 74