مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
54

مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

بخلاف العجلة؛ فإنها تعرضه لكثير من الأخطاء والإخفاق، والتعثر، والارتباك، ثم تعرضه للتخلف من حيث يريد السبق، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وبخلاف التباطؤ والكسل فهو أيضًا يعرضه للتخلف والحرمان من تحقق النتائج التي يرجوها (١). والداعية مطلوب منه أن يتخلق بخلق الأناة، ولكن ما يتطلب من الأمور عملًا سريعًا فالحكمة السرعة إذن، وهي لا تخرج عن الأناة، فالقضية نسبية، وما يتطلب من الأمور عملًا بطيئًا فالحكمة البطء إذن، وهو لا يخرج عن الأناة؛ لأن الأمر نسبي، وليس للأناة مقادير زمنية ثابتة؛ ولكنها تختلف باختلاف حاجة الأشياء إلى مقدار السرعة الزمنية التي تحتاجها وتستدعيها النتائج المطلوبة، فالأشياء مربوطة بأوقاتها، والعجلة فيها مع معرفة أوقاتها المطلوبة خلقٌ مذموم يدل على ضعف خلق الصبر، ونقص الحكمة، والتباطؤ فيها خلق مذموم يدل على ضعف الهمّة والإخلاد إلى الراحة والكسل، أما الأناة فليست تعجلًا ومسابقة لأوقات الأشياء، ولا تباطؤًا وكسلًا، وكل من العجلة والتباطؤ يضيعان على أصحابهما الجهد والزمن، وما بذلوه، والأناة هي الكفيلة - بإذن اللَّه تعالى - بتحقيق المطلوب، وتفادي الخسارة. وقد ذم الإسلام الاستعجال ونهى عنه، وذم التباطؤ والكسل

(١) انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها لعبد الرحمن الميداني، ٢/ ٣٥٣، وأخلاق القرآن الكريم للشرباصي، ٣/ ١٥.

1 / 55