مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
عاليًا في الحلم، فقد أراد لأتباعه أن يسيروا على نهجه وسنته، ولذلك يقول اللَّه - تعالى - عن الأخيار من هؤلاء: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ (١).
فمن صفاتهم أنهم أصحاب حلم، فإذا سفه عليهم الجهال بالقول السّيّئ لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول اللَّه ﷺ لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا (٢).
فعن النعمان بن مقرن المزني، قال: قال رسول اللَّه ﷺ وسبّ رجل رجلًا عنده، فجعل المسبُوبُ يقول: عليك السلام، فقال رسول اللَّه ﷺ: «أما إن ملكًا بينكما يذب عنك كلما يشتمك هذا، قال له: بل أنت وأنت أحق به، وإذا قال له: عليك السلام، قال: بل
لك، أنت أحق به» (٣).
فهؤلاء الدعاة إلى اللَّه والصالحون إذا خاطبهم الجاهلون قالوا صوابًا وسدادًا، ويردون المعروف من القول على من جهل
_________
(١) سورة الفرقان، الآية: ٦٣.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ٢/ ٣١٠، والإصابة في تمييز الصحابة، ١/ ٥٥٦، ومجمع الزوائد، ٨/ ٢٤٠.
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند، ٥/ ٤٤٥، وقال ابن كثير في تفسيره: إسناده حسن، ٣/ ٣٢٦.
1 / 45