مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
في أمر محمود، وهذا أمر يتفق مع الحلم؛ لأنه تأخير عقوبة، قال سبحانه: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ (١).
ونجد أيضًا أن عددًا من الآيات التي وصفت اللَّه بالحلم قد قرن فيها ذكر الحلم بالعلم، كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ (٢)، وهذا يفيد - واللَّه أعلم بمراده - أن كمال الحلم يكون مع كمال العلم، وهذا من أعظم أركان الحكمة (٣).
ومما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة - التي ينبغي للداعية أن يدعو بها إلى اللَّه - تعالى - مدح النبي ﷺ للحلم، وتعظيمه لأمره، وأنه من الخصال التي يحبها اللَّه ﷿، قال ﷺ للأشج (٤): «إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه: الحلم والأناة» (٥).
وفي رواية قال الأشج: يا رسول اللَّه، أنا تخلقت بهما أم اللَّه
_________
(١) سورة فاطر، الآية: ٤٥.
(٢) سورة الحج، الآية: ٥٩.
(٣) انظر: أخلاق القرآن للشرباصي، ١/ ١٨٥.
(٤) المنذر بن عائذ بن المنذر العصري، أشج عبد القيس، كان سيد قومه، رجع بعد إسلامه إلى البحرين مع قومه، ثم نزل البصرة بعد ذلك ومات بها ﵁. انظر: تهذيب التهذيب ١٠/ ٢٦٧.
(٥) مسلم، في كتاب الإيمان، باب الأمر بالإيمان بالله - تعالى - ورسوله، ١/ ٤٨، (رقم ١٧/ ٢٥).
1 / 37