مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
فقد يكون الرجل حافظًا لحروف القرآن وسوره، ولا يكون مؤمنًا، بل يكون منافقًا، فالمؤمن الذي لا يحفظ حروفه وسوره خير منه، وإن كان ذلك المنافق ينتفع به الغير كما ينتفع بالريحان، وأما الذي أُوتي العلم والإيمان، فهو مؤمن حكيمٌ وعليمٌ، فهو أفضل من المؤمن الذي ليس مثله في العلم مثل اشتراكهما في الإيمان، فهذا أصل تجب معرفته (١).
والعلم لابد فيه من إقرار القلب، ومعرفته، بمعنى ما طلب منه علمه، وتمامه أن يعمل بمقتضاه؛ فإن العلم النافع - الذي هو أعظم أركان الحكمة التي من أُوتيها فقد أُوتيَ خيرًا كثيرًا - هو ما كان مقرونًا بالعمل، أما العلم بلا عمل، فهو حجة على صاحبه يوم القيامة؛ ولهذا حذر اللَّه المؤمنين من أن يقولوا ما لا يفعلون، رحمةً بهم، وفضلًا منه وإحسانًا، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ (٢).
(١) انظر: فتاوى ابن تيمية، ١١/ ٣٩٦، ٣٩٧ بتصرف، والفتاوى أيضًا، ٧/ ٢١ - ٢٥، وقال ابن تيمية ﵁: <العلوم خمسة: فعلم هو حياة الدين، وهو علم التوحيد، وعلم هو غذاء الدين، وهو علم التذكر بمعاني القرآن والحديث، وعلم هو دواء الدين، وهو علم الفتوى إذا نزل بالعبد نازلة احتاج إلى من يشفيه منها كما قال ابن مسعود، وعلم هو داء الدين، وهو الكلام المحدث، وعلم هو هلاك الدين، وهو علم السحر ونحوه>. انظر: فتاوى ابن تيمية، ١٠/ ١٤٥. (٢) سورة الصف، الآيتان: ٢ - ٣.
1 / 27