============================================================
تقسير سورة البقرة 199 كما تقول: زيد ذلك الرجل؛ ويحتمل أن يكون محلها رفعا على أنها خبر ابتداء مقدم، والتقدير: ذلك الكتاب الذي وعدتك الم؛ ومن قال: إنها أقسام بالحروف أو الأشخاص أو الأسامى قال: محلها خفض بتقدير حرف القسم فيها.
الأسرار قالت العترة الطاهرة الذين هم أحد التقلين وتاني اثنين: إن الذين فسروا القرآن بأرائهم إنما تبوأوا مقعدهم من النار: لأنهم لم يسندوا تفاسيرهم إلى صادق قد عرفوا صدقه أو لاسم صدقوه في التفسير؛ فاختلفت أقاويلهم في كل آية، بل في كل كلمة، بل في كل حرف، وهم الذين حرفوا الكلم عن مواضعها والحروف عن مواقعها، وتعرضوا للوقوف على اسرار القرآن، واسترقوا اسمع فأتبعهم شهاب ثاقب. فمن قال: "أنها عبارات عن أسماء الله أو أسماء الحروف أو السور أو أسماء أشخاص أو أقسام بها" فقد اختطف خطفة مما تناجت به ملائكة الله أو تناغت عليه أولياء الله، وإن الناجي منهم من وكل علمها إلى الله تعالى وإلى ر سوله -صلى الله عليه وآله - وإلى الصادقين عن الله؛ وهو قول من قال: إن لكل كتاب سرا وصفوة استأثر الله تعالى بعلمها وآثر أولياءه وأصفياءه بالوقوف عليها(421) والأسرار المستأثر بها أشرف وأعلى من حملها على مفاتيح السور وأسماء الحروف المعجمة والأقسام بالحروف التي هي مياني الكلام. قالوا: وإن لله تعالى كلمات علوية قدسية تعبد النبي الأمي -صلوات الله وسلامه عليه - بالايمان بالله وكلماته كما تعبدنا بالايمان باله ورسوله. قال تعالى: (فآمنوا بالله ورشوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبغوه لعلكم تفتدون) وكما أن الكلمات النطقية تركبت من مفردات الحروف وهي -46 ب- ثمانية وعشرون، كذلك تلك الكلمات القدسية تعينت من مفردات الحروف العلوية وهي ثمانية وعشرون؛ وكما ظهرت الكلمات القدسية بأشخاص مخصوصين، كماقال تعالى: (وكلمته ألقاها إلى مريم) وأن عيسى -عليهاللام-يسمى "كلمة الله" كذلك ظهرت الحروف العلوية بكلمات قدسية، وقد قال الله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لامبدل لكلماته).
وكما أن الحروف النطقية مبانى الكلمات اللفظية وهي محصورة في عدد معلوم ليتهنل
صفحة ١٨٥