مفاهيم إسلامية
صفحة ٤٩١
بسم الله الرحمن الرحيم
[العلم]
العبادة بالعلم ، أفضل منها بالعمل ، وفي العلم من الهدى والضلال ، مثل الذي منهما في الأعمال ، فلما كان العلم بأحكام الله ، مما يكون هدى عند الله ، والجهل بأحكام الله مما يكون ضلالا عند الله ، ترك المكلفون من العباد ، بعد أن نزل عليهم من الله ما نزل في ذلك من الرشاد ، ليهتدوا فيها ويجهلوا ، كما تركوا في الأعمال ليعملوا أولا يعملوا ، لكي يهتدوا فيها أو يضلوا ، فأهدى الهدى فيها العلم ، وأضل الضلال الجهل ، وهو لكل واحد منهما فيها كسب ، وعمل يثاب على أيهما اكتسب أو يعاقب ، ثوابه أو عقابه على غيره من أعماله ، ويجزى فيه على ما صار فيما بينه وبين الله من هداه أو ضلاله.
والعلم منهما ففرض قدمه الله قبل فرض الأعمال ، وبه وبما فرض الله منه ما أبان الله به عند المؤمنين فرق بين الحرام والحلال.
[الإسلام والمسلمون]
ما أعز الإسلام ولا أكرمه ، ولا وقره فيما وقره الله به ولا عظمه ، من توهم أهل هذا الدهر من أهله ؛ لأن الإسلام هو دين ملائكة الله ورسله ، فمن زعم أن أهل هذا الدهر ممن يستحق اسمه ، فقد أوجب لهم إخاءه وولاءه وحكمه.
فزعم أنهم مع ما هم من حالهم ، وما عليه من سوء أفعالهم ، إخوة الملائكة المقربين ، وأولياء الأنبياء المرسلين ، والله سبحانه يقول : ( إنما المؤمنون إخوة ) [الحجرات : 10].
فآخى منهم بين من في السماء والأرض وقال : ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) (71) [التوبة : 71]. فوصف المؤمنين بصفة ، فيها لمن أراد معرفتهم أعرف المعرفة.
فكيف يأمر بالمعروف من يميل عليه ، وينهى عن المنكر من يدعو إليه ، ومن هو مقيم ليله ونهاره فيه؟!
صفحة ٤٩٣
وكيف يقيم الصلاة بحدودها؟ في قيامها وركوعها وسجودها؟ من شغله بأصغر دنياه أشغل له منها! ومن هو بأقل هواه معرض به عنها!
وكيف يؤتي الزكاة من (1) جعلها الله له من (2) يغتصب كل مسكين نفسه وماله.
وكيف يطيع من هو مخالف ، إلا في أقل القليل لله لا كيف ، إلا عند (3) عمي جاهل ، لا يفرق بين حق وباطل. والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على سيدنا محمد وعترته الطاهرين وسلامه.
[واجب المؤمن مدة الجبارين]
بسم الله الرحمن الرحيم
وإنه ليجب على المؤمن في مدة الجبارين ، أن يكون حجة لله قوية ، وساحته من معاونتهم على ظلمهم برية ، وأن يكون الرزق أقرب متقربه ، وأسرعه إلى الفراغ به ، ليقبل قبل شغله ، وما وكله الله به من عدله ، ولكن لن يفلح أيام دنياه ، ويبلغ المفروض عليه من تقواه ، إلا من اتخذ الجوع أنسا ، واستشعر العري لباسا ، ووضع الصبر على البلوى أساسا ، فأما من شأنه النقلة (4) والرحيل ، والطلب في كل مسلك وسبيل ، ومن شغله اجتلاب أنواع الطرف ، ومقامه مقام الجبار المترف ، فهيهات ، هيهات من النجاة ، غرق الشقي في بحر شقائه ، فهو مضطرب بين أكناف أرجائه ، فإقباله إلى الخير إدبار ، ومقاربته عن الحق نفار.
* * *
صفحة ٤٩٤