المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل
محقق
د. عبد الله بن عبد المحسن التركي
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٠١
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أصول الفقه
الثَّالِثَة قَالَ أَصْحَابنَا الْحق فِي قَول وَاحِد من الْمُجْتَهدين معِين فِي فروع الدّين وأصوله وَمن عداهُ مخطىء ثمَّ إِن كَانَ خطأ المخطىء فِي فروع الدّين وَلَيْسَ هُنَاكَ دَلِيل قَاطع عَلَيْهِ فَهُوَ مَعْذُور فِي خطئه مثاب على اجْتِهَاده وَهُوَ قَول بعض الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة نعم إِذا كَانَت الْمَسْأَلَة فقهية ظنية فَإِن كَانَ فِيهَا نَص وَقصر الْمُجْتَهد فِي طلبه فَهُوَ مخطىء آثم وَإِن لم يكن فِيهَا نَص أَو كَانَ فِيهَا نَص وَلم يقصر فِي طلبه انْتَفَى عَنهُ الْإِثْم وَهَذِه الْمَسْأَلَة تعرف بِمَسْأَلَة تصويب الْمُجْتَهد وَالْكَلَام فِيهَا كثير وَالْحق مَا ذَكرْنَاهُ لقَوْله تَعَالَى ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ﴾ الْأَنْبِيَاء ٧٩ وَلَوْلَا أَن الْحق فِي جِهَة بِعَينهَا لما خص سُلَيْمَان بالتفهيم إِذْ كَانَ يكون تَرْجِيحا بِلَا مُرَجّح وَلَوْلَا سُقُوط الْإِثْم عَن المخطىء لما مدح دَاوُد بقوله ﴿وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ الْأَنْبِيَاء ٧٩ لِأَن المخطىء لَا يمدح فَدلَّ على أَن الْحق فِي قَول مُجْتَهد معِين وَأَن المخطىء فِي الْفُرُوع غير آثم وَلِلْحَدِيثِ الثَّابِت فِي الصَّحِيح من طرق أَن الْحَاكِم إِذا اجْتهد فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِن اجْتهد فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر
الرَّابِعَة إِذا تعَارض دليلان عِنْد الْمُجْتَهد وَلم يتَرَجَّح أَحدهمَا لزمَه التَّوَقُّف حَتَّى يظْهر الْمُرَجح
الْخَامِسَة لَيْسَ للمجتهد أَن يَقُول فِي مَسْأَلَة قَوْلَيْنِ فِي وَقت وَاحِد عِنْد الْجُمْهُور وَقد فعله الشَّافِعِي فِي مَوَاضِع
1 / 378