المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل

ابن بدران ت. 1346 هجري
103

المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل

محقق

د. عبد الله بن عبد المحسن التركي

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠١

مكان النشر

بيروت

فصل فِي التَّكْلِيف هُوَ لُغَة إِلْزَام مَا فِيهِ كلفة أَي مشقة وَشرعا إِلْزَام مُقْتَضى خطاب الشَّرْع وعَلى هَذَا تكون الْإِبَاحَة تكليفا لِأَنَّهَا من مقتضيات الْخطاب الْمَذْكُور وَمن قَالَ إِن الْإِبَاحَة لَيست تكليفا يَقُول التَّكْلِيف هُوَ الْخطاب بِأَمْر أَو نهي وَله شُرُوط يتَعَلَّق بَعْضهَا بالمكلف وَبَعضهَا بالمكلف بِهِ فَأَما الَّذِي يتَعَلَّق بالمكلف فالعقل وَفهم الْخطاب فَلَا تَكْلِيف على صبي وَلَا مَجْنُون لعدم الْمُصَحح للامتثال مِنْهُمَا وَهُوَ قصد الطَّاعَة والمميز مثل الصَّبِي فِي عدم التَّكْلِيف فَإِن قيل كَيفَ أوجبتم الزَّكَاة والغرامات فِي مَال الصَّبِي وَالْمَجْنُون ونفيتم عَنْهُمَا التَّكْلِيف قُلْنَا الْوُجُوب لَيْسَ على نفسهما بل هُوَ ربط الْأَحْكَام بالمسببات لوُجُود الضَّمَان بِبَعْض أَفعَال الْبَهَائِم وَلَا تَكْلِيف على النَّائِم وَالنَّاسِي والسكران الَّذِي لَا يعقل بِعَدَمِ الْفَهم وَالْحق أَن الْمُكْره إِذا بلغ بِهِ إِلَّا كراه إِلَى حد الإلجاء سقط عَنهُ التَّكْلِيف وَالْكفَّار مخاطبون بِفُرُوع الْإِسْلَام على أصح الْقَوْلَيْنِ وَأما مَا يتَعَلَّق بالمكلف بِهِ فَهُوَ أَن يكون الْمُكَلف بِهِ مَعْلُوم الْحَقِيقَة للمكلف وَإِلَّا لم يتَوَجَّه قَصده إِلَيْهِ وَأَن يكون مَعْلُوما كَونه مَأْمُورا بِهِ وَإِلَّا لم يتَصَوَّر مِنْهُ قصد الطَّاعَة والامتثال مَعْدُوم إِذْ إِيجَاد الْمَوْجُود محَال وَيَنْقَطِع التَّكْلِيف حَال حُدُوث الْفِعْل وَأَن يكون الْمُكَلف بِهِ مُمكنا لِأَن الْمُكَلف بِهِ يَسْتَدْعِي حُصُوله وَذَلِكَ يسْتَلْزم تصور وُقُوعه والمحال لَا يتَصَوَّر وُقُوعه فَلَا يَسْتَدْعِي حُصُوله فَلَا تَكْلِيف بِهِ وَلَا تَكْلِيف إِلَّا بِفعل لِأَن مُتَعَلق التَّكْلِيف الْأَمر وَالنَّهْي وَكِلَاهُمَا لَا يكون إِلَّا فعلا أما فِي الْأَمر فَظَاهر لِأَن مُقْتَضَاهُ إِيجَاد فعل مَأْمُور بِهِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَام وَأما فِي النَّهْي فمتعلق التَّكْلِيف فِيهِ كف النَّفس عَن الْمنْهِي عَنهُ كَالْكَفِّ عَن الزِّنَا وَهُوَ أَيْضا فعل

1 / 145