المدخل الفقهي العام

مصطفى أحمد الزرقا ت. 1420 هجري
67

المدخل الفقهي العام

الناشر

دار القلم

تصانيف

وقد كان الإجماع في العصر الأول سهل الحصول لأن عمر في اخلافته منع الصحابة أن يخرجوا من المدينة لتمكنه مشاورتهم فيما يحدث من أمور العلم أو السياسة، ولكنهم تفرقوا بعد ذلك أواخر خلافة عثمان في الأمصار(1)، ونشأ على أيديهم علماء وفقهاء في أماكن متنائية في الحجاز واليمن ومصر والعراق والشام وغيرها؛ فلم يمكن بعد ذلك تحقق إجماع امن المجتهدين لانقطاع إمكان الشورى العلمية العامة، ولأن اتفاق علماء بلدا واحد على حكم لا يعتبر إجماعا.

لذلك كانت كل المسائل المستندة إلى الإجماع وحده إنما يرجع تاريخها إلى عصر الخلفاء الراشدين أو الصدر الأول منه .

المبحث الرابع: القياس

/3 - القياس هو : إلحاق أمر بآخر في الحكم الشرعي لاتحاد بينهما في العلة.

والقياس يأتي في المرتبة الرابعة بعد الكتاب والسنة والإجماع من حيث حجيته في إثبات الأحكام الفقهية، ولكنه أعظم أثرا من الإجماع في كثرة ما يرجع إليه من أحكام الفقه ، لأن مسائل الإجماع محصورة ولم يتأت فيها زيادة، لانصراف علماء المسلمين في مختلف الأقطار عن مبدأ الشورى العلمية العامة، ولتعذر تحققه بمعناه الكامل فيما بعد العصر الأول كما أوضحناه. أما القياس فلا يشترط فيه اتفاق كلمة العلماء، بل كل مجتهد يقيس بنظره الخاص في كل حادثة لا نص عليها في الكتاب أو السنة ولا أجماع عليها.

ولا يخفى أن نصوص الكتاب والسنة محدودة متناهية، والحوادث الواقعة والمتوقعة غير متناهية. فلا سبيل إلى إعطاء الحوادث والمعامات

كلية الشريعة الإسلامية بالأزهر، (ص/96 و 137).

صفحة ٧٨