36
وكان الزحليون قد أقاموا عليهم بضعة شيوخ من وجهائهم يديرون شئونهم، وهم حنا فرح المعلوف، وعبد الله أبو خاطر، وعساف مسلم، ويوسف البريدي، وأبو عساف جرجس الحاج شاهين، وخليل حجي، ومخول غره، وناصيف جدعون، فلم يمض على مشيختهم بضعة أشهر حتى أرسل الأمير بشير نقولا الأرقش البيروتي شيخا لزحلة من قبله. فسكن في بيت إلياس سيف في حارة الراسية، ورفع الأمير يد مشايخها الوطنيين مستاء مما حصل له من توقيف تشييد دار الحكومة كما مر.
ويوم الجمعة في 8 نيسان سنة 1855م جاء زحلة عاقب (ولي عهد) ملك بلجكة مع زوجته والأب ميسلان،
37
فنزل ضيفا كريم المثوى في بيت أبي يوسف جرجس العن الزحلي والد حبيب العن، فاستقبل بحفاوة وبات تلك الليلة، وسافر في اليوم التالي إلى دمشق مع بطانته، وقد التمس لحبيب العن من الدولة العثمانية لقب بك وكافأه بوسام لما لاقاه في بيته من حسن الضيافة.
وفيها سار يوسف القطيني المعلوف وإلياس الزمار من زحلة إلى مدرسة قصر العيني الطبية في مصر لدرس الطب، فكانا أول من درس هذا الفن قانونيا ورجعا بعد عشر سنوات.
38
وفيها بنيت كنيسة عين الدوق باسم القديس يوحنا في زحلة للرهبنية الحلبية الباسيلية الكاثوليكية محل المأوى (الأنطوش) الآن.
39 (13) حريق بريتان
كان سكان قرية بريتان الشيعيون (المتاولة) يعيثون في بلاد بعلبك والبقاع ويتحاملون على المسيحيين، وكانت قد حدثت نزغة بين الزحليين والأمراء الحرفوشيين، فازداد عيث البريتانيين وعبثهم بالراحة. وبينما كان شاهين مبارك من زحلة مارا في أرض بريتان قتله سكانها، فتكدر الزحليون لذلك ورفعوا شكواهم إلى الأمير بشير أحمد قائم مقام المسيحيين الذي كان يقيم في برمانه (من متن لبنان)، فأشار إليهم بالإخلاد إلى السكينة والمحافظة على الراحة، فتدارك عقلاؤهم الأمر وأوقفوا الجهال عن هياجهم، وما كادت السكينة تستتب أثار البريتانيون الأحقاد باعتدائهم على موسى شاهين كروك الزحلي الذي كان ناطورا (شوباصيا) في بريتان، فقتلوه وهو في عنفوان شبابه، فلما نمى إلى الزحليين خبر هذا الاعتداء الفظيع، وكانوا قد تكدروا من تهامل الأمير بشير بطلب دم قتيلهم الأول هاجوا موغري الصدر، وتجمهروا ليلا على الجسر وسار في مقدمتهم حملة الأعلام. فأرسل شيخ البلدة نقولا الأرقش يتهددهم ويتوعدهم فلم يرعووا، فاستعان بالمطران باسيليوس والشيوخ خشية أن يلام من الأمير، فنزل المطران إلى المعسكر على الجسر، ولما رآهم في هياج عظيم سكن روعهم ونصحهم، فازدادوا لغطا وحماسة فعمد إلى ذريعة أخرى دبرها لهم قائلا: إن مطران بعلبك أرسل ينبئني أن من تظنونه قتيلا من إخوانكم هو حي يرزق في بعلبك وهو في الدار الأسقفية؛ فهدأ روعهم وسكنت عوامل غيظهم. فأرسل نقولا الأرقش رسولا ليلا إلى الأمير في برمانه يخبره بما جرى، وأن المطران والوجهاء ساعدوه على رد الثائرين عن الهجوم فأجابه الأمير ليلا: أن يمنع الزحليين عن الهجوم، وإن ظهر منهم ما يكدر الراحة يقعون تحت القصاص الصارم.
صفحة غير معروفة