كتب إلينا «صديقنا الأب قسطنطين الباشا» من الرهبان المخلصيين الكاثوليكيين مقالة طويلة في تأريخ مدينة زحلة وألحف في طلب نشرها. ولما كانت قد انتهت إلينا بعد طبع الكتاب جميعه إلا صفحات قلائل، وكان لم يفتنا في هذا التأريخ ما جاء في معظمها اكتفينا بالإشارة إليها شاكرين له فضله وعنايته وتدقيقه. ومن أهم ما جاء فيها أن أقدم من ذكر زحلة ڤولني الرحالة الفرنسي الذي قدمها نحو سنة 1784، وذكر عنها في المجلد الأول من رحلته صفحة 76 ما معربه: «وهي قرية في لحف جبل في واد قريب من البقاع صارت منذ عشرين سنة مركز صلة بين بعلبك ودمشق ولبنان» ولم يزد. وممن أقاموا فيها أيضا من الإفرنج بودين قنصل فرنسة في دمشق وزميله هنري غيز قنصلها في بيروت اجتمعا فيها سنة 1827م، فذكرها غيز في كتابه «بيروت ولبنان» المطبوع سنة 1850، وقال: إن سكان زحلة كانوا على عهده ثلاثة آلاف نفس منهم خمسمائة مقاتل. «ثم قال الأب قسطنطين»: إن زحلة عمرت على أثر زلزلة سنة 1758، ونحن قلنا هنا إنها عمرت على أثر موقعة عين دارة سنة 1711، ونرجح قولنا لأسباب كثيرة نكتفي الآن منها بقول ڤولني الذي نقله حضرته، فإنه قال: إن زحلة صارت منذ عشرين سنة؛ أي سنة 1764 مركز صلة بين بعلبك ودمشق ولبنان، فكيف يتم لها ذلك في أثناء ست سنوات، وهو ما لا يكون بأقل من نصف قرن إلى غير ذلك، فنثني على غيرته أطيب الثناء. (2)
وكتب إلينا أنطون الطباع من مونتريال كنده وهو في الثانية والثمانين من عمره بعض استدراكات في موقعة بني القنطار؛ زبدتها أن الزحليين ذبحوا ستين منهم على عين كفر سنة قرب أبلح و12 في كفر زبد و22 في المحيدثة، والمذبحة كانت من حزيران إلى أواخر آب، وغلط بالسنة فقال: إنها كانت 1831، والصحيح ما رويناه في [ فصل زحلة الحديثة ووقائعها (موقعة بني القنطار)] وأن الزحليين جمعوا نساء بني القنطار وأولادهم وأخرجوهم إلى البيادر دون أقل إهانة أو أذى، وأن سركيس الطباع وشقيقه إبراهيم قتلا أبا سعدي والد عمشاء العاتية مع رجاله في منزله قرب الجسر الكبير واستولوا عليه وهو ملكهم إلى يومنا، وأن حملة الزحليين في موقعة سانور كانت ثلاثمائة بقيادة أبي وهبه طنوس الطباع، وأن نسيبه هذا كان بطلا مدربا في هذه المواقع. وكتب إلينا من القاهرة نقولا أفندي شحاده
1
صاحب جريدة «الرائد المصري الغراء» الموقفة مؤقتا أن هذه الحملة سارت بقيادة أنطون الحاج شاهين وولده إبراهيم فنشكر لهم إفاداتهم . (3)
وممن فاتنا ذكرهم بين الأطباء المرحوم غالب جريج من القصر العيني وعبد المسيح المصور وإلياس مسلم، وهما في أميركة الشمالية الآن. وكانت للشيخ خليل حبيش يد في مساعدة الزحليين بموقعة جسر السن.
هوامش
كلمة الختام
يقول مؤلف «تاريخ زحلة» عيسى إسكندر المعلوف اللبناني: هذا آخر ما استرعفت له جامد القلم، وشحذت له كليل الذهن واستنجعت له رائد البحث في تاريخ هذه المدينة المحبوبة وحوادثها وشئونها إلى يومنا الحاضر، وذلك بين شواغل استغرقت أوقات الراحة ومشاده بلبلت الفكر ومراجعات ضل فيها العقل فضلا عن قلة ما لدي من المراجع الموثوق بها، وعدم حصولي على إفادات ممن له معرفة بشئونها، مع إلحافي بالطلب شفاها وإعلانا. وكان النجاز من إفراغه في هذا القالب يوم السبت في الخامس والعشرين من أيار أحد شهور سنة اثنتي عشرة وتسعمائة وألف (1912)، وذلك في مدينة زحلة اللبنانية؛ آملا من إخواني الزحليين وغيرهم من محبي المطالعة أن يتلقوا خدمتي هذه بغزير فضلهم، ويستروا خطأي بواسع حلمهم، ويحملوا ما يرونه من التقصير على حسن القصد:
وعين الرضى عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا
صفحة غير معروفة