بل حججه الحجج الغوالب، وشهب نوره فالشهب الثواقب، التي لا يخبو أبدا ضوء نورها، ولا يخرب أبدا عمارة معمورها، فيخبو بخبوها، نور ضوها، ويخرب لو خربت لخرابها، نعمة الله وهابها،، فيكون خرابها تغييرا لها ولنعمة الله فيها، ولما جعله من هداه مضموما إليها.
ولن يغير الله نعمة كما قال عز وجل: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11]، ولن يلتبس شيء من هدى الله عليهم أبدا إلا بتلبيسهم، كما قال سبحانه: {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم إن الله سميع عليم} [الأنفال: 53].
وفي التلبيس عليهم بتلبيسهم، وما وكلهم الله إليه في ذلك من أنفسهم، ما يقول الرحمن الرحيم: {وقالوا لو لا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون، ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام: 8 9].
وفي كتاب الله وترافده، وتشابهه في البيان وتشاهده، ما يقول سبحانه فيه، وفيما جعله من ذلك عليه: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} [الزمر: 23].
صفحة ٢١