مذهب الإمام الشافعي في العبادات وأدلتها
الناشر
دار السلام
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٤ هجري
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
ومثل ذا تبليغهم لما أتوا ويستحيلُ ضدُها كما رَوَوْا
وجائز في حقهم كالأكل وكالجماع للنسا في الحلّ
أي يجب للرسل عليهم الصلاة والسلام، أربع صفات وهي - الأمانة، والصدق، والفطانة، والتبليغ. ويستحيل عليهم أضدادها. ويجوز عليهم الأعراض البشرية غير المنفرة كما ذكر في البيت الأخير.
١ - فالأمانة ، ويعبر عنها بالعصمة، بمعنى أن ظَواهِرَهُم وبواطنهم محفوظة من الوقوع فيما لا يرضي الحق الذي اصطفاهم، قبل النبوة وبعدها.
٢ - الصدق، بمعنى أن خبرهم عن الله مطابق للحقيقة ونفس الأمر.
٣ - الفِطانة، أي إنهم أكمل الخلق نباهة وفهمًا وحذقًا ليتمكنوا من إقامة الحجج الإقناعية على خصومهم.
٤ - التبليغ، بمعنى أنهم بينوا للناس كل ما أمروا بتبليغه، قال تعالى في سورة المائدة آية ٦٧: ﴿يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس﴾.
ويستحيل عليهم أضداد هذه الصفات: من الخيانة، والكذب، والغفلة، والكتمان، لمنافاة هذه الأضداد لمنصب الرسالة، خصوصًا: الكتمان، فقد قالت عائشة رضي الله عنها فيما أخرجه الترمذي: (لو كان رسول الله كاتما شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية: ﴿وإذْ تقول للذي أنعم اللهُ عليه وأنعمتَ عليه﴾ - يعنى زيد بن حارثة - ﴿أمسك عليك زوجكَ واتق الله وتخفي في نفسك ما اللهُ مُبديه وتخشى الناس واللهُ أحقُّ أن تخشاه، فلما قضى زيدٌ منها وَطَرًا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرًا، وكان أمرُ الله مفعولا﴾. اهـ فإن في هذا اللوم الشديد آية باهرة على أن القرآن ليس من عند محمد عليه السلام، وإلا لما كان يلوم نفسه هذا اللوم.
ملاحظة: إلا أن الأنبياء لا يجب في حقهم التبليغ كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وإنما التبليغ من واجبات الرسل.
31